السبت، 29 يونيو 2019

حسن الظن بالله وحسن العمل

حسن الظن بالله وحسن العمل

إن معنى حسن الظن بالله على الوجه الصحيح هو أن يعتقد المؤمن بربه ومولاه ما يليق به من صفات وأسماء وما تقتضيها من آثار ,

فيجزم بأن الله تعالى يرحم عباده المستحقين لرحمته , ويوقن أن رحمته لهم سبقت غضبه , ويؤمن بأن الله يعفو عن التائبين المستغفرين المنيبين ,

ويقبل طاعة المخلصين الموحدين ويثيبهم عليها الثواب الجزيل .....

يستطيع أي مسلم أن يدرك بدهية العلاقة بين حسن الظن بالله وحسن العمل إذا هو تمعن في كتاب الله وسنة رسوله الخاتم صلى الله عليه وسلم ,

وتبدو هذه العلاقة جلية واضحة في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :

( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ

وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) صحيح البخاري برقم/7405

لقد بيّن ابن القيم رحمه الله معنى حسن الظن بالله وأكد على التلازم بين حسن الظن بالله وحسن العمل بقوله :

ولا ريب أن حسن الظن بالله إنما يكون مع الإحسان فإن المحسن حسن الظن بربه أنه يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده ويقبل توبته ,

وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه ،

وهذا موجود في الشاهد فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبداً،

فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته، وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له .

إن محاولة البعض تبرير فهمهم الخاطئ لحسن الظن بالله سبحانه بالتمسك بسعة مغفرة الله ورحمته التي وسعت كل شيء وسبقت غضبه ,

والتعلق بأنه سبحانه لا تنفعه العقوبة ولا تضره المغفرة ..... ليس بشيء , فمع الجزم بكل تلك الصفات لله سبحانه إلا أنه سبحانه موصوف أيضا بشدة العقاب والحكمة والعدل ,

كما أنه لا يضع صفة من صفاته - كالرحمة مثلا - في غير محلها , و لو نفع التعويل على تلك الصفات بدعوى حسن الظن بالله دون عمل صالح – أو ربما بمعصية - لاستوى جزاء الطائع

والعاصي والمؤمن والفاسق والمسلم والكافر غدا يوم القيامة وهو ما لا يليق بعدل الله وحكمته سبحانه .

ليس الفهم الخاطئ لهذه العبادة القلبية الجليلة "حسن الظن" بفصلها عن حسن العمل حديثة أو جديدة بل هي قديمة قدم عداوة الشيطان لبني آدم ,

فها هو الحسن البصري رحمه الله يتحدث عن هذا العلة بقوله : "إن قوماً ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم من حسنة يقول أحدهم :

"إني أُحسن الظن بربي". وكذب... ولو أحسن الظن لأحسن العمل"

ويقول أيضا رحمه الله : " إن المؤمن أحسنَ الظنّ بربّه فأحسن العملَ ، وإنّ الفاجر أساءَ الظنّ بربّه فأساءَ العمل" .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق