السبت، 29 يونيو 2019

الأصحاب في القرآن (15)

الأصحاب في القرآن (15)

تأليف أبو إسلام أحمد بن علي

17- أصحاب الحجر

وقال

{ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ }

فأسند ذلك على مجموع القبيلة فدل على رضى جميعهم بذلك والله أعلم وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير وغيره من علماء التفسير أن سبب قتلها أن امرأة منهم يقال لها عنيزة ابنة غنم بن مجلز وتكنى أم غنم كانت عجوزا كافرة وكانت من أشد الناس عداوة لصالح عليه السلام وكانت لها بنات حسان ومال جزيل وكان زوجها ذؤاب بن عمرو أحد رؤساء ثمود وامرأة أخرى يقال لها صدوف بنت المحيا بن زهير بن المختار ذات حسب ومال وجمال وكانت تحت رجل مسلم من ثمود ففارقته فكانتا تجعلان لمن التزم لهما بقتل الناقة فدعت صدقة رجلا يقال له الحباب فعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة فأبى عليها فدعت بن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف بن جذع وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا يزعمون أنه كان ولد زنية وأنه لم يكن من أبيه الذي ينسب إليه وهو سالف وإنما هو من رجل يقال له صهياد ولكن ولد

على فراش سالف وقالت له أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة

فعند ذلك انطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهرج فاستغويا غواة من ثمود فاتبعهما سبعة نفر فصاروا تسعة رهط وهم الذين قال الله تعالى

{ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ }

وكانوا رؤساء في قومهم فاستمالوا القبيلة الكافرة بكمالها فطاوعتهم على ذلك فانطلقوا فرصدوا الناقة حين صدرت من الماء وقد كمن لها قدار بن سالف في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت بنت غنم عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس وجها فسفرت عن وجهها لقدار وذمرته وشد عليها قدار بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقبها وهو فصيلها حتى أتى جبلا منيعا فصعد أعلى صخرة فيه ورغا فروى عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن البصري أنه قال يارب أين أمي ويقال أنه رغا ثلاث مرات وأنه دخل في صخرة فغاب فيها ويقال إنهم اتبعوه فعقروه مع أمه فالله أعلم فلما فعلوا ذلك وفرغوا من عقر الناقة وبلغ الخبر صالحا عليه السلام فجاءهم وهم مجتمعون فلما رأى الناقة بكى وقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام الآية وكان قتلهم الناقة يوم الأربعاء فلما أمسى أولئك التسعة الرهط عزموا على قتل صالح وقالوا إن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا ألحقناه بناقته

{ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ }

الآية فلما عزموا على ذلك وتواطؤا عليه وجاؤوا من الليل ليفتكوا بنبي

الله فأرسل الله سبحانه وتعالى وله العزة ولرسوله عليهم حجارة فرضتهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم وأصبح ثمود يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه عياذا بالله من ذلك لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة

{ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

أي صرعى لا أرواح فيهم ولم يفلت منهم أحد لاصغير ولا كبير لا ذكر ولا أنثى قالوا إلا جارية كانت مقعدة واسمها كلبة ابنة السلق ويقال لها الذريعة وكانت كافرة شديدة العداوة لصالح عليه السلام فلما رأت ما رأت من العذاب أطلقت رجلاها فقامت تسعى كأسرع شيء فأتت حيا من الأحياء فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها ثم استسقتهم من الماء فلما شربت ماتت قال علماء التفسير ولم يبق من ذرية ثمود أحد سوى صالح عليه السلام ومن تبعه رضي الله عنهم إلا أن رجلا يقال له أبو رغال كان لما وقعت النقمة بقومه مقيما إذ ذاك في الحرم فلم يصبه شيء فلما خرج في بعض الأيام إلى الحل جاءه حجر من السماء فقتله.

تفسير ابن كثير ج2/ص229-230

قال الله تعالى :

1- { وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ }

الحجر80

قال الله تعالى :

2- {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ }

القمر29

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق