الأحد، 23 يونيو 2019

عزوف عن الزواج بسبب معاملة الأب

عزوف عن الزواج بسبب معاملة الأب
أ. لولوة السجا

السؤال

♦ الملخص:

فتاة يُعاملها والدُها معاملةً قاسيةً منذ صِغَرها، مما أصابها بحالة

نفسية شديدة، وأدى بها إلى العُزوف عن الزواج.

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاةٌ عمري 30 عامًا، أذْهَبُ إلى أطباء نفسيين منذ أكثر مِن

10 سنوات، لكن دون جدوى!

مشكلتي أني أكرَه والدي، ولا أستطيع الجلوس أو التحدث معه،

فقد كان يُعاملني بقسوةٍ في طفولتي، وكنتُ أتعرَّض لمواقفَ في المدرسة

والدروس ولم أكن أستطيع التعامل مع الآخرين.

أما والدتي فكانتْ مِن حينٍ لآخر يُصيبها انهيارٌ عصبيٌّ، وكانت تضربني

بدون سبب، والحمد لله الذي عافاها مِن هذه الحالة.

بسبب معاملة أبي لي قررتُ ألا أتزوج، بل تأثرتُ نفسيًّا، وقررتُ ألا يكونَ

لي أي تعامُلٍ مع أهله، وأصبحتُ انعزاليةً جدًّا، ولا أستطيع الاندماج

مع المجتمع، كما أن طبيعة عملي زادتْ مِن هذا الأمر؛ لأنه يعتَمد على العمل

من المنزل.

ودائمًا أشعُر بالضيق والقلَق، وزادتْ حدتهما مع خوفِ والدي الشديد

عليَّ مِن الزواج والارتباط بشخصٍ غريب.

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فبدايةً أُهَنِّئ فيك تلك الرُّوح الطيبة المتسامِحة، والتي أرى أنها مكسب

عظيم، ونعمة رزقك الله إياها، فهي كافيةٌ لأن تُشعرك بالسعادة، كيف لا

وقد امْتَدَحَ اللهُ أصحاب تلك القلوب على لسانِ رسوله صلى الله عليه وسلم؛

حيث قيل له: أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قال:

( كلُّ مخمومِ القلبِ، صدوقِ اللسانِ )،

قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفُهُ، فما مخمومُ القلبِ؟ قال:

( هو النقيُّ التقيُّ، لا إثمَ عليهِ، ولا بغيَ، ولا غلَّ، ولا حسدَ )؟!

وأحسبُك ذات قلبٍ خالٍ مِن الغل الذي هو الحقدُ، برغم الذي لاقيتِه

في صِغَرك، فزادك الله إيمانًا ورضًا وثباتًا.

لكنني تمنيتُ لو أني لمستُ شيئًا من التفاؤل والنظرة الإيجابية للحياة

حاضرًا ومستقبلًا؛ وذلك لأنه على أسوأ حال فإن ما أنتِ فيه هو نوعُ

ابتلاء ابتلاك الله به، كما ابتلى غيرك بغير ذلك، وأنتِ تعلمين بأن أشد

الناس بلاءً هم الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، فهل هذا يعني

فقدان السعادة؟ كيف وإن أسعد الناس في الدنيا هم هذه الثُّلة المذكورة؟

وسأضرب لك مثالًا ليُوَضِّح لك المقصد:

فهذا رسولُ البرية - صلى الله عليه وسلم - تقلَّبَتْ حياته بين عُسرٍ ويُسرٍ،

وابتلاه الله جل جلاله بأنواع البلايا التي لا تخفى على ذي لُبٍّ،

ومع ذلك صار قائدًا للأمة، وأكرمه الله بالرسالة، وفتح له من الفتوحات

شيئًا عظيمًا سيبقى أثره إلى أن يرثَ الله الأرض ومَن عليها، فهل منعَتْه

تلك البلايا والظروف العصيبة التي عاصرتْ حياته عن

تحقيق النجاح، ومن ثَم حصول السعادة

في الدارين؟

هكذا هي الحياة لا تمكين إلا بعد ابتلاء وتمحيص، ولا منحة إلا

بعد محنة، والسعيدُ مَن رضي بقضاء الله، وتفاءَل بالقادم،

وأَحْسَنَ الظن بربه أنه ما حرَمه إلا ليعطيه،

ولا آلمه إلا ليريحه، ولا أبكاه إلا ليضحكه.

ولو تعلمين ما وراء ذلك من الخير والرحمة لبكيتِ حياءً من الله،

فتفاءلي مهما بَدَتْ لك الأمورُ سيئة، فقد جاء في حديث رسول الله

صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ الله إذا أَحَبَّ عبدًا ابتلاه )، فتفاءلي بأن القادم أفضل،

وأن الله سيجبرك ويخلفك خيرًا مما فقدتِ.

والله حين يمنع عن عبده أمرًا من أمور الدنيا فلحكمةٍ يَعلَمُها، وإنه جل

جلاله يُعوِّضه خيرًا منه، ومَنْ أحسن الظن بربه رأى عجبًا،

فانطلقي وتعايشي مع مَن حولك بسعادةٍ.

قدِّمي الكثير لمن حولك، وخصوصًا والديك، فذلك مِن أعظم الأعمال

بعد التوحيد.

خالطي الآخرين ممن يمتلكون روحًا إيجابية، فالمخالطةُ لها تأثيرُها،

وخصوصًا مع الصالحين، وقد يُريك الله مَن هم أعظم ابتلاء منك،

ومع ذلك لم يظهرْ منهم إلا عكس ذلك.

رزقك الله الرضا، وعوَّضك خيرًا

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق