الأربعاء، 2 ديسمبر 2020

قريبتي أدمنت الدواء فتغير سُلوكها

 قريبتي أدمنت الدواء فتغير سُلوكها !
د. ياسر بكار

السؤال

تعرَّضَتْ قريبةٌ لي لتشنُّجات مُفاجئة مُشابهة للصَّرَع، فنُقلتْ للمستشفى،
ولم يتعَرَّف أحدٌ على هذه التشنُّجات ونوعها، وتمَّ عمل فُحوصات
وإشاعات، حتى تُعرَض على طبيب نفسيٍّ متخَصِّص!

أوصى الطبيبُ بالبُعد عن الحزن، وكلِّ ما يسبِّب الاكتئاب، وكتب دواءً
اسمه: (سياسته)، كمُضاد الاكتئاب، ويُستخدم فقط عند الضرورة.

نبَّهها أحد الناس لخطورة هذا الدواء، فلم تستخدمْه!

بعد مدَّة اكتَشَف أهلُها أنها تأخذ الدواء بكميَّات كبيرةٍ، وقد تغَيَّرَتْ على مدار سنة؛
فأصبحتْ إنسانةً عصبيَّة, كثيرة النِّسيان لأتفه التفاصيل, دائمة الكذب،
أصبحتْ سلوكياتُها مُشابهة لسلوكيَّات المُدمنين.
الجواب
أشكرك على اهتمامك ورغبتك في مساعدة هذه الفتاة، وأسأل الله –
عزَّ وجل - أن يكتب لها ولك الأجر والمثوبة.
في البداية يجب أن نعترفَ بأنَّ المشكلة ليستْ في تعاطي الدواء
بشكلٍ أساسي، بل تُعاني هذه الفتاة مِن أعراضٍ نفسيَّةٍ، هي التي دفعتْها
إلى البحْثِ عن العلاج، وكان مِن الأجدر أن يتِمَّ عرْضُها على طبيبٍ نفسيٍّ
مُتخصِّص؛ حتى يتمَّ تقييم الحالة بشَكْلٍ صحيح، ومعرفة الخطة العلاجيَّة
بشكلٍ كاملٍ؛ بمعنى ما الدواء الذى يجب أن تستخدمه عند اللزوم؟
وماذا تعنى كلمة: اللزوم؟ ما الدواء الذي يجب أن تستخدمه بشكلٍ دائم؟
ومثل هذه التفاصيل؛ حتى تستطيع بالفعل مُساعدة هذه الفتاة.

بالنسبة للدواء الذي ذكرته، للأسف لم أعرفْه بسبب اختلاف
الأسماء التجاريَّة، لكن من الواضح أنه من الأدوية التي تُعطى
لبعض المرضى في بعض الحالات؛ للتَّخفيف من الأعراض الشديدة،
وتعاطي هذا الدواء بشكلٍ متقطِّع أمر آمن، ولا يؤدِّي إلى الإدمان،
ولا يشكِّل أي خطورة على الصحة، وكان من الأفضل شراء الدواء،
وأن تتناوله الفتاة عندما تشعر بحالات التوتُّر، أو حسب ما وصف الطبيبُ.

هذا بالإضافة إلى احتماليَّة حاجتها لعلاجٍ تتناوله بشكلٍ دائم من
الأدوية التي لا تؤدِّي إلى الإدمان.

لقد تَمَّ تصنيفُ الأدوية النفسيَّة إلى أدوية تستطيع تناولها بشكلٍ دائم
دون ضرر؛ بل تعطي مفعولًا إيجابيًّا، ويتم توقيفها حسب
طريقة معينة، ولا تسبِّب التعوُّد أو الإدمان.

قد تكون الأخت الكريمة بحاجة إلى إحدى هذه العلاجات التي تخفِّف
بعض الأعراض التي ذكرتها؛ مثل: العصبيَّة والنِّسيان وغيرها،
والتي تدلُّ على وُجُود الاكتئاب الخفيف، ومضادات الاكتئاب هي أدوية آمنة،
ولا توجد مُشكلة في تناولها بشكلٍ مُستمرٍّ.

أما النوعُ الثاني من الأدوية،
والذي يسبِّب الإدمان مع الاستخدام الطويل، فنطلب من المريض
تناوله عند اللزوم في حالات الأرَق الشديد، أو العصبيَّة الشديدة، أو غيرها.

يجب شرْحُ هذا للأخت الكريمة بشكلٍ واضحٍ، ويجب عرضها مرة أخرى
على طبيبٍ نفسي؛ حتى يمكنَه تقييم إذا ما كانتْ هناك أعراض غير مرتبطة
بتعاطيها الدواء، ومِن ثَم وضع خطة يتَّفق عليها كلُّ الأطراف.

ختامًا:
ليس من الصحيح توجيه الاتِّهام إلى الدواء على أنه المسبِّب لهذه المشكلة،
كما أنه ليس من الصحيح أن نسمي هذه الفتاة: مُدمنة؛ لأنها سعتْ
إلى تخفيف أعراضٍ نفسيةٍ تُعاني منها، عن طريق تعاطيها لهذا الدواء.

المشكلة هي الحاجة للاعتراف بأن هناك أعراضًا نفسيةً،
ومن ثَم السعي إلى علاجها بالطريقة الصحيحة، أمَّا استخدام هذا العلاج
الموصوف مِن قِبَل أطباء نفسيين على أن يتم تناوله بشكلٍ متقطع،
فلا يوجَد له أي ضرر، ولا يُسَبِّب الإدمان، ويعطي نتائجَ فعَّالة.

أتمنَّى أن أكونَ قد أفدتكم، وأضفْتُ إليكم شيئًا جديدًا،
منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق