الجمعة، 4 ديسمبر 2020

فصام واكتئاب ووساوس قهرية

 فصام واكتئاب ووساوس قهرية

أ. عائشة الحكمي
السؤال

أنا فتاة أستغرق في أحلام اليقظة منذ كنتُ طفلةً وحتى الآن،
وهذا يعوقني عن تحقيق أعمالٍ كثيرةٍ، أتحدَّث مع نفسي طوال الوقت
منذ كنتُ صغيرةً، وحينما كبرتُ تفاقَمت الحالة، وأصبحتُ لا أستطيع السيطرةَ عليها.

كنتُ أعاني مِن وساوسَ قهريةٍ منذ كنتُ في الصفِّ الخامس الابتدائي،
لكن أمي وأبي لم يُدركا ذلك المرض إلا حينما كبرتُ، فبدأتُ أقرأ وأسمع
لأساتذة الطبِّ النفسي، وعانيتُ في الجامعة مِن تَكْرار الرسوب،
حتى استغرقتِ الدراسةُ 10 سنوات كاملة!

تفاقمتْ حالتي، واشتدت الوساوسُ، وأصابني اكتئابٌ شديدٌ،
وفكَّرْتُ في الانتحار، نصحني الأطباءُ بالجلسات الكهربائيَّة على المخِّ؛
لكنهم قالوا: إنها ستؤثِّر على تركيزي وذاكرتي! فأخذتُ بدلًا منها حقنًا؛
مثل: "هالدول"، و" كلوبكزول"، لا أتذكر اسمها جيدًا، أثَّرَتْ هذه الحقن
عليَّ كثيرًا، وسببتْ لي أعراضًا جانبيةً سيئةً جدًّا!

منذ سنوات - والحمد لله، والشكر لله - أراد الله لي الشفاء من الوساوس القهريَّة،
وأقلعتُ عن أخْذ الحقن بعدما ألححتُ على الطبيبة، بعدها وجدتُ حالتي
أفضل مِن ذي قبلُ، ولم أتناولْ من الأدوية النفسيَّة إلا "الفيلوزاك"
، الذى أخبرتْني الطبيبةُ أنه بديل لـ "البروزاك ".

تكمُن مشكلتي الآن في أحلام اليقظة، والتحدُّث مع الذات، والانفصال الشديد
عن الواقع، فأصبح هذا وضعًا غير محتملٍ بالنسبة لي،
بدأتُ أشعر أن هذا سبب فشَلي في الحياة والدراسة.

سألتُ الطبيبة عن مرَضي فلم تُجبْني، ولكنى سمعتُ إحدى طالبات
علم النفس بالصدفة تقول: إنَّ الانفصال عن الواقع
نوعٌ من الفِصام، فهل أنا مريضة بالفصام؟!

أريد أن أعرفَ اسم مرضي، وكيفية علاجِه، لا أريد مزيدًا من الأدوية
التي تؤثِّر على الذاكرة، وتسبِّب أعراضًا جانبيةً غير مرغوب فيها.

أنا معقدة جدًّا من الحبِّ والرجال، وأرفض الزواج تمامًا،
ومصرَّة على أن أعيش عمري كله بدون زواج، ومُعظم أسرتنا مرضى
بالوساوس القهرية، وأنا الوحيدة التي تعيش دائمًا في الخيال وأحلام اليقظة.
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب

بسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
أيتها العزيزة، بحسب نصيحة الأطباء لكِ بأهمية إخضاعكِ لجلساتٍ
كهربائيَّة - وإن لم تخضعي لها - واحتقانكِ بحقنة هالدول
(Haldol (Haloperidol Injection, وحقنة كلوبيكسول
Clopixol injection؛ وهي حقنٌ طويلة المفعول،
تُعطَى لمرضى الفِصام في حال رفْضهم العلاج، أو عدم انتظامهم
على العلاج، فقد تمَّ تشخيص حالتكِ سريريًّا بأنكِ مصابةٌ بالفصام.

أما الفيلوزاك Philozac فمضاد للاكتئاب، ينفع في حالة الاكتئاب
والوسواس القهري، وهو البديلُ المصري للبروزاك Prozac؛
كون المادَّة الفعالة في العقارين واحدة، وهي مادة فلوكسيتين Fluoxetine.

أمَّا الانفصال Dissociation فليس نوعًا من الفصام Schizophrenia؛
فالفصامُ مرضٌ ذهاني، أما الانفصالُ فعمليَّة دفاعيَّة.

ومع قناعتي بأنَّ التشخيص العيادي أدقُّ وأصدق من التشخيص الإلكتروني،
فإني عند التشخيص أركِّز فقط على ما يذكُره الشخصُ عن نفسه
مِن أعراضٍ، ومن السهولة أن أتراجعَ عن رأيي إذا تابع صاحبُ الحالة
مشكلته معي، وأضاف معلوماتٍ جديدةً عن نفسه، أقول لك ذلك؛
لأنه برغم تشخيص حالتك بالفصام،
فإنني في الحقيقة لم أجد في سطورك آثارًا للفصام!

ما لفت انتباهي في استشارتكِ؛ مُعاناتكِ الطويلة من الوساوس القهريَّة،
وضَعْف الانتباه والتركيز منذ طفولتكِ، إلى أن بلغْتِ هذا العمر،
وهذه الأعراض لو تم تشخيصُها في طفولتكِ مع زمرة من الأعراض المميزة،
لكان محتملًا أن تشيري إلى التوحُّد، أو طيف التوحُّد!
فالنمطيةُ التي تميِّز طفل التوحد هي ما قد يصفه البعض بالوساوس القهريَّة،
بالإضافة إلى تميُّز طفل التوحُّد بالعيش في عالمٍ خاصٍّ به، على نحوٍ
قد يجعله مُنفَصلًا عن الواقع، من هنا أريدكِ أن تبحثي في موضوع التوحُّد،
من خلال الاطِّلاع على الأعراض على موقع الجمعية السعودية
للتوحُّد عبر الرابط التالي: http://www.saudiautism.com

واشحذي ذاكرتكِ بحثًا عن مواقفَ مررتِ بها؛ لتفسير هذه الأعراض،
واسألي والديكِ الكريمَيْن عن طفولتكِ، فإن وجدتِ أعراضًا مُشابهةً،
فقد يفسر ذلك استمرار الأعراض حتى هذه السن، برغم الأدوية الناجعة
والحقن ذات المفعول السريع، فإن لم تنطبقْ أعراض التوحُّد
مع أعراضكِ، فسيترجَّح ساعتئذٍ تشخيص أطبائك بالفصام.
منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق