الجمعة، 21 يونيو 2024

هكذا دأب الصالحين في أيام عشر ذي الحجة

 هكذا دأب الصالحين في أيام عشر ذي الحجة


من أعظم مواسم الخير المتجددة موسم أيام عشر ذي الحجة التي يكون العمل الصالح
فيها أحب إلى الله تعالى من أيام الدنيا كلها؛ كما أخبر بذلك النبي ﷺ
وهو الذي كان لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، بينما ليالي العشر الأواخر من رمضان
أفضل الليالي على التحقيق، فأيام عشر ذي الحجة أيام أعمال البر والخير والإحسان،
وكان دأب الصالحين من علماء الأمة في عشر ذي الحجة العبادة والتفرغ الكامل من الشواغل،
وذلك لأن أيامها يسيرة معدودة لكنها عظيمة تتوفر فيها أمهات العبادة. قال ابن حجر في الفتح:
“والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه،
وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره
[1]
ومن أجل مكانة هذه الأيام الفاضلة أقسم بها الله تعالى، والله لا يقسم إلا بعظيم،
يقول سبحانه تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر:1، 2]. قال ابن كثير:
“والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة
كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السّلف والخلف وهو الصحيح
[2]
إن في هذا لاستدعاء إلى العزم والحرص الأكيد في استقبال هذه الأيام المباركات
واستغنامها بالطاعات القولية والفعلية، كما هو ديدن الصالحين في استثمار أوقاتها وساعاتها،
ولهم في ذلك أحوال وسير عطرة يحسن الإقتداء بهم فيها.
حال الصالحين في عشر ذي الحجة
يقول ابن الجوزي رحمه الله ناصحا:” وعليكم بملاحظة سير السلف ومطالعة تصانيفهم و
أخبارهم، والاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم
[3]
الوقوف عند سير الصالحين وإدمان النظر في أحوالهم وأخبارهم في مواسم الطاعات مما يشحذ الهمم،
ويحث على التأسي، ويغرس في النفوس الاندفاع إلى نحو أشرف المقامات السامية في سير
إلى الله تعالى بأنواع من الطاعات، فالطبع منقاد كما يقال. وصدق قائل: وإذا فاتك التفات إلى الماضي
فقد غاب عنك وجه التأسي قال بعضهم: “الحكايات جند من جنود الله يثبت الله بها قلوب أوليائه”
[4]
قال أبو عثمان النهدي: كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم.
[5]
هذا، فإن لأئمتنا الصالحين نظرة خاصة لحديث المصطفى ﷺ:
“مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ -يعني العشر من ذي الحجة“-
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ
وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”[6]وقد عظم الصالحون أيام عشر ذى الحجة أيما التعظيم،
وعمروها بالأعمال الصالحة والأقوال الحسنة، وقدروها لتقدير النبي ﷺ لها، ويبرز ذلك من أحوالهم الآتية:
إيقاف الدرس في أيام العشر
حتى يتحقق تمام التقدير وحسن الاستقبال للأيام المباركة؛ رأى بعض أئمة المحدثين
عدم عقد مجلس التحديث في أيام العشر رغبة في اغتنام الأوقات بالجد والتشمير.
قال الأثرم أحد تلاميذ الإمام أحمد: أتينا أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل، في عشر الأضحى فقال:
قال أبو عوانة: كنا نأتي سعيد الجريري في العشر فيقول: “هذه أيام شغل وللناس حاجات،
وابن آدم إلى الملال ما هو
وإنما روى الإمام أحمد هذه الحكاية لتلاميذه في هذه المناسبة على وجه التأسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق