الاثنين، 29 مارس 2021

موسوعة المؤرخين (12)

 موسوعة المؤرخين (12)


ابن تغري بردي (الجزء الثالث)

مؤلفات ابن تغري بردي
كتب أبو المحاسن ابن تغري بردي العديد من المصنفات في الرياضة
والموسيقى والأمثال والأسماء والصناعات، والموسوعات التاريخية،
بلغت اثنى عشر مؤلفا.

المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي
أول مؤلفاته في التاريخ "المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي"، وفيه
سجل تراجم أعيان عصره، ويضم نحو 3000 ترجمة لسلاطين وأمراء
وعلماء ووجهاء ومشاهير وأدباء وحتى مغنين مرتبةعلى حروف المعجم،
وهو ذيل على كتاب "الوافي بالوفيات" للصفدي (ت 764هـ/1362م)
ويغطي المرحلة بين سنتي (650 - 855هـ / 1252 - 1451م)، أي أنه
ابتدأ من أوائل دولة المماليك البحرية بترجمة السلطان عز الدين أيبك إلى
عصره. ونشر مختصرًا له مع التعليق عليه المستشرق فييت G.Wiet سنة
1932م في "مذكرات معهد مصر" E.I.M، كما نشر الجزء الأول منه
في مصر سنة 1375هـ / 1956م.

ومن لطيف ما جاء فى مقدّمته -وقد خالف به أكثر مؤلفى عصره- قوله:
"وكنت قد اطلعت على نبذة من سيرهم وأخبارهم (يعنى رجال التاريخ)،
ووقعت في كتب التواريخ على الكثير من آثارهم، فحملني ذلك، على سلوك
هذه المسالك، وإثبات شئ من أخبار أمم الممالك، غير مستدعى إلى ذلك من
أحد من أعيان الزمان، ولا مطالب به من الأصدقاء والأخوان، ولا مكلف
لتأليفه وترصيفه من أمير ولا سلطان، بل اصطفيته لنفسي، وجعلت حديقته
مختصة بباسقات غرسي، ليكون في الوحدة لي جليسا، وبين الجلساء
مسامرًا وانيسًا .. إلخ". وهذا يخالف طريقة سائر المؤلفين فى ذلك العهد.

النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
ومؤلفه الثاني هو كتاب "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"،
وهو أهم مؤلفاته وأشهرها وأضخمها، فهو موسوعة باهرة في تاريخ مصر،
مرتب على السنين ابتدأ فيه مؤلفه بفتح عمرو بن العاص مصر سنة 20هـ /
640م، وتوقف في نهاية حكم السلطان محمد بن السلطان جقَمْق (محرم
857هـ/ أكتوبر 2 1453م)، إلا أنه ما لبث أن تابعه حتى 872هـ /
1467م، ولذا عده الباحثون أتم وأطول تاريخ لمصر الإسلامية، وقد رتبه
على السنين والشهور والأيام، وانفرد بمنهجه الذي جعل لكل عهد من عهود
السلاطين فصلا خاصا، ثم ذكر السنين وحوادثها تباعا داخل الفصل حتى إذا
توفي الحاكم جعل له ترجمة منفصلة، بيد أنه يتوسع فيه منذ بدء استقلال
مصر في العصر العبيدي الفاطمي، ويعرض للبلاط بأسلوب شائق جزل،
أما عصره، فقد أفاض فيه إفاضة مسهبة إذ يتخذ فيه صورة السجلات
اليومية التي لا تفوتها صغيرة لا كبيرة.

فقد ذكر ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" من وَلِي مصر من الملوك
والسلاطين والنوّاب، وفصّل ذلك تفصيلًا وافيًا مع ذكر ملوك الأطراف بصورة
موجزة آتيًا في كل سنيه على ما وقع من الحوادث المهمة ومن توفي من
رجالات الأمة الإسلامية، ثم يشير في آخر كل سنة إلى زيادة النيل ونقصانه
لأهمية ذلك في اقتصاد مصر القائم على الزراعة، وذلك من سنة 20هـ حتى
سنة 782هـ، أي أنه يقدم أتم جدول عن تقلبات نهر النيل على مدى ثمانية
قرون ونصف معتمدا على جملة مؤلفين، ومراجع سابقة عليه، ولذلك سمي
مؤرخ النيل. إلاّ أن قيمته التاريخية تعود في الواقع إلى المعلومات الوافرة
في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقدمها عن مصر
في الفترة المملوكية (648 - 872هـ).

وقد تُرجم هذا الكتاب الجليل إلى اللغتين التركية واللاتينية وإلى لغات أوربية
أخرى عدة مرات، فإنه لما فتح السلطان سليم العثمانى مصر واطلع على هذا
الكتاب أمر بنقله إلى التركية فنقله شمس الدين أحمد بن سليمان بن كمال
باشا قاضى العسكر بالأناضول يومئذ فترجم فى منزله جزءا وبيضه المولى
حسن المعروف بآشجي زاده ثم عرضه على السلطان فى الطريق
فأعجبه وأمر بنقله هكذا الى تمامه.

وبالرغم من أن ابن تغري ذكر في مقدمة كتابه أنه كتبه من دون طلب من
ملك أو سلطان، فإنه ذكر في نهايته أنه ألفه من أجل صديقه الأمير محمد بن
السلطان جقمق، والذي كان ابن تغري يتوقع أن يصل إلى تخت السلطنة
فيختم الكتاب بعهده، إلا أن الأمير محمد وافته المنية قبل ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق