الخميس، 1 أبريل 2021

موسوعة المؤرخين (15)

 موسوعة المؤرخين (15)

خليفة بن خياط (الجزء الثاني)
مناقبه وثناء العلماء عليه

كان خليفة بن خيَّاط متقنًا وعالمـًا بأيَّام الناس، عانى الكثير من العنت
في عصر الخليفة المأمون العباسي بسبب عدائه لفرقة المعتزلة، وكذلك كابد
الكثير بسبب الحسد من سعة علمه وثقته، أشاد الكثير من العلماء بعلمه،
فقال ابن عدي: مستقيم الحديث، صدوق، من متيقظي رواته، له تاريخٌ
حسن، وكتاب في طبقات الرجال". وقال ابن حبان: "كان متقنًا عالمـًا بأيام
الناس". في حين قال عنه ابن خلكان في ترجمته: "كان حافظًا، عارفًا
بالتواريخ، وأيام الناس، غزير الفضل".

ولخليفة بن خياط ترجمةٌ جيِّدةٌ في تهذيب التهذيب لابن حجر, جاء فيها:
"خليفة بن خياط بن خليفة بن خياط العصفري التميمي، أبو عمرو البصري
الملقب بشباب. روى عن إسماعيل بن أمية، وبشر بن المفضل، وأبي داود
الطيالسي، ويزيد بن زريع، وعبد الرحمن بن مهدي، وكهمس بن المنهال،
ومعاذ بن معاذ العنبري، ومعتمر بن سليمان، وابن عيينة، وخلق كثير.
وعنه البخاري، وإبراهيم بن عبد الله الجنيد الختلي، وأبو يعلى الموصلي،
وأبو بكر بن أبي عاصم، وأحمد بن علي الأبار، وبقي بن مخلد،
وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وحرب الكرماني، وعبد الله بن ناجية، والحسن
بن سفيان، وعبد الله بن عبد الرحمن الدرامي، وتمتام, ويعقوب بن شيبة،
والصنعاني, وجماعة... وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان متقنًا عالمـًا
بأيَّام الناس وأنسابهم. قال محمد بن عبد الله الحضرمي: مات سنة
"240"هـ. قلت (ابن حجر): لم يُحدِّث عنه البخاري إلَّا مقرونًا, وإذا
حدَّث عنه لمفرده علَّق أحاديثه. وقال مسلمة الأندلسي: لا بأس به".

وذكر ابن تغرِّي بردي خليفة في وفيات سنة 240هـ، وأثنى عليه ابن العماد
في الشذرات. وكذلك أبو بكر بن العربي حين اعتمده ونقل عنه في كتابه
العواصم من القواصم.

مصنفات خليفة بن خياط
صنَّف خليفة فيما ذكر النديم في الفهرست أربعة مؤلَّفات،كتاب "التاريخ"،
وكتاب "طبقات القرَّاء" المعروف بكتاب "الطبقات"، وكتاب "تاريخ الزَّمنى
والمرضى والعرجان والعميان"، وكتاب "أجزاء القرآن وأعشاره وأسباعه
وآياته"، وقد سلم من هذه المؤلفات كتابي "التاريخ" برواية بقي بن مخلد
(ت 276هـ) و"الطبقات" في مخطوطات فريدة، وقد طبعا مؤخرًا
في دمشق وبغداد.

تاريخ خليفة بن خياط
وتاريخ خليفة بن خياط أقدم ما وصل من كتب التاريخ التي تنهج منهج
الحوليَّات، وهو يتناول تأريخ فترةٍ من تاريخ الإسلام حتى سنة 232هـ، وقد
تأثَّر خليفة المحدِّث والفقيه لمدى بعيدٍ بأسلوب مدرسة الحديث ومنهجها
في السرد والبحث التاريخي.

كشف خليفة في كتابته "التاريخ" عن اهتمامات تاريخيَّة لا نجدها لدى غيره
من المؤرِّخين؛ فهو على سبيل المثال يُبدي اهتمامًا خاصًّا بذكر أسماء
الشهداء في الغزوات والمواقع الهامَّة التي تحدَّث عنها في كتابه، ويُقدِّم
قوائم مهمَّة بأسماء العمَّال والولاة والقضاة في عهود الخلفاء الذين طالتهم
المدَّة الزمنية لكتابه وهي من السنة الأولى للهجرة حتى (232هـ=846م)،
وكذلك العاملين معهم من كبار الموظفين في الشرطة، وبيت المال، والخزائن،
وغير ذلك من الوظائف الإدارية الأخرى.

وبهذا، فهو يُعدُّ من الناحية الإدارية مصدرًا ثرًّا وهامًّا لا يستغنى عنه في
دراسة النظام الإداري والمالي الإسلامي، وهو جانب هامٌ وكبيرٌ برز لديه
خاصَّةً عبر صفحات كتابه هذا، بالإضافة إلى كلِّ ما سبق، فهو يُقدِّم معلومات
في بعض الأحيان عن الحوادث التي قد لا تظهر عند غيره من المؤرِّخين
المعاصرين، أو حتى فيما بعد ذلك، كإيراده أخبارًا عن إفريقيَّة وغيرها.

أمَّا عن مصادره في تدوين السيرة النبوية، فمعظم معلومات خليفة بن خياط
أخذها عن محمد بن إسحاق (ت 151هـ) ونلاحظ وجود اسم وهب بن جرير
الذي نقل عنه محمد بن سعد في طبقاته الكبرى، وكذا أبي معشر السندي،
وقد بدأ حوليَّات كتابه بالسنة الأولى من الهجرة النبويَّة وانتهى إلى وفاة
الرسول صلى الله عليه وسلم مع ذكر عمَّاله وكتَّابه، ثم شرع في ذكر
الخلفاء الراشدين وبقيَّة دول الإسلام إلى أحداث 232هـ.

أمَّا في الأنساب، فقد أخذ عن هشام بن محمد الكلبي، أبي اليقظان سحيم
النسابة، ونجد اسم أبي عبيدة معمر بن المثنى الذي أخذ عنه أخبار الخوارج،
وقد أخذ عن يحيى بن محمد الكعبي، ويزيد بن زريع، وعبد الله بن المغيرة،
والوليد بن هشام، وعبد الله بن قعنب، وخلقٍ كثيرٍ يبلغون أكثر من 103
من الإخباريِّين والرواة والمحدِّثين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق