الخميس، 1 أبريل 2021

القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (16)

 القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (16)

تحدثنا عن تمارين العزيمة للإستعداد لشهر رمضان ، التي تقتضي الإجتهاد
والجد في المثابرة ، هذه المثابره على الإستعجال للطاعة هو الذي يعين
الإنسان على الإستمرار في الإقبال على الطاعات

سيأتي أحدهم ليقول :
من المفترض أن يكون الإنسان أصلا لا يفعل طاعة إلا إذا كان مستعدا لها
ونشطاً عليها ، لكن إذا وجد في نفسه كسل أو عدم نشاط ، من المفترض
أن يتركها ،:والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال

( اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ,
وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا , وَإِنْ قَلَّتْ)
وقال أيضا

( لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ)

أي: صلي ما استطيعه ، وحين أجد في نفسي كسل أنرك الصلاة
ولا أُكمل ..

الإجابة
من فقه الحديث لا يجوز أن يفهم من الفاظ وحده ، لابد أن تفهم سنة النبي
صلى الله عليه وسلم متكاملة ، فلا يجوز أن نجتزأ لان هذا من سيم الزنادقه
والعلمانيين والمحاربين لدين الله
مثل من يقول :

{ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ }

ويسكت على أنه دليل لترك الصلاة فيأخذ من الحديث ما يأتي على هواه ،
وهذا دليل على الهوى وأنه صريع هواه وشهواته وملذاته لكن السُني
الراغب فيما عند الله، أبدا ليس هذا مسلكه هو يرغب في طاعة الله عز وجل
ويبحث عن طاعة الله عز وجل ، لذلك أبدا لا يسعى إلى تلمس الأدلة التي بها
يتأخر عن رضا الله وعن طاعة الله عز وجل

إذا كيف نفهم هذه الأحاديث ؟!
العلماء قالوا إنما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الإفراط في التعب
الذي يقطع بصاحبه ويقعده ، فأراد بهذه الأحاديث أن يخفف من أولئك
المجتهدين جدا في العبادة، الذين يثابرون إلى الدرجة التي تنقطع معه
معه طاعه ووسعه تماما للطاعة

كما ورد عن بعض السلف أنه قام الليل حتى شُلَّ، وكان يصوم حتى اخضر
جسمه من شدة الطاعة والعبادة حتى لامه اصحابه على ذلك
وكان بعض التابعين وبعض السلف يقوم الليل كله حتى لا يستطيع القيام
فالرسول قصد هؤلاء أن لا يكلفوا من الأعمال فوق طاقتهم الحقيقية

إذاً ..
ماهي الطاقة الحقيقية ؟!
هي الوسع الآخِر الذي تستطيع أن تصل إليه فمثلا لاعب الكرة كم يلعب من
الساعات في المباريات ، مثلا ساعة ؟! فهذا الاعب في طاقته أن يبذل جهد
لمدة ساعة ، فحين يقف ويصلي يقول لنفسه أنا أكثر طاقتي ١٠
دقائق لماذا ؟!

لماذا حين يكون البذل في حق الله يكون هناك الكسل ، هذا دليل على
الإزدواجية .. فإستدلالك بالحدث ليس المراد ما تطيق نفسك الكَسِلَة ،
لا المقصد هنا الطاقة الحقيقية

فالانسان لابد أن يبذل الطاعة ولو كانت نفسه كارهه مثل صلاة الفجر نحن
نقوم لها ونحن نريد النوم كارهون للقيام ، ولكن هذا الكره الله يبدله حب
وطاعة ، فلابد أن تقوم وتجاهد نفسك على كره في إتيان الطاعة مع التعب
والمشقة التي قد تكون غير محتملة غالبا ، فأنت مطالب بإطاقة هذا
العمل وعدم التخلي عنه

وإلا كان ذلك دليل على أن ما تفعله لله تبارك وتعالى فقط هو الذي لا تحبه..
أي، أي طاقة حين يكون في جنب الله يكرهه.. وهذا دليل خطير على نفاق
النفس لأن المنافقين من صفاتهم أنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم
فالإنسان فرضت عليه صلاة الفجر فهو يترك السرير على كره منه لكن
هو راغب فيما عند الله من الجزاء هذا لا شيء عليه

لكن من يمضي الأوقات في اللعب واللهو في الليل ، ولا تجده يبذل شيئا
في طاعة الله أو في قيام الليل وتجد منه الكسل ، فحينما يكون الأمر في
جانب النفس تجد فيه أريحية في البذل لكن في جانب الله تجد كسل!!

هذا يحتاج أن يراجع نفسه فهذا نذير خطرٍ وشؤم شديد ، هذا دليل
على أن النفس فيها نقص شديد في محبة الله عز وجل

اثبت أنك تبذل لله عز وجل كما تبذل لشهوتك ولرغبتك
فلابد من مراجعة النفس في هذه الأمور

لذلك قال العلماء أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُرِد أن لا تعمل حتى
تنشط بحسك للعمل ، وحتى تقبل عليه وتبادر إليه فإن النفس أصلا كسلة ثقيلة على فعل الخير بطيئة النهوض إلى أعمال البر فلو لم تصلي مثلا حتى
تدعوك نفسك للصلاة وحتى تنشط إليها وتخف عليها لما صليت إلا قليلا ،
وربما لن تصلي أبدا ، ولا قامت لك نفسك عن فراشها ولا تركت راحتها
ولا لذيذ نومها ولو انتظرت تلك الليلة التي تنام فيها نشيط ومستعد لقيام
الليل لتقوم الليل لن تصلي إلا ايام قليلة في حياتك.. فالعبادة تحتاج مصابرة
و مثابرة ومجاهدة وهمة للقيام بها
وفي قوله صلى الله عليه وسلم :

( اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ )

ما يدل على الإجتهاد ويبيح أخذ النفس بما تكره منه ، فإن الإنسان قد يُكره
على نوع من العمل ويكسل عنه ، فإذا كُلّفه أطاقه وقام به وتحمل المشقة فيه
مع كراهيته له وكسله عنه

فلو قيل لك مثلا أنك كل يوم تقوم صباحا من ٧ ص إلى ٣ م تكتب
في الدفاتر وتراجع الحسابات، ما المقابل لا يوجد مقابل ..
هل ستقوم؟!
لا لن تقوم
فإذا كان إلزاما وتكليفا لك، وعملا تتقاضى عليه راتب..
هل ستقوم؟!
نعم وتثابر للقيام به في أكمل وجه ..

اذا النفس التي كانت لا تطيق أو تعتقد أنها تقدر أن تفعله بدون أجر وثواب ،
سينقلب معها الأمر إلى أمر سهل ولين ويسير عندما تُوعَد بالثواب ..
فلابد من الحمل على النفس وأخذها بالجِدِ والجَد ، وتخويفها بأن تُسبق
إلى الله عز وجل ، وتحذيرها من أن يُستَأثر دونها فيما عند الله
ولابد من أن يصل العمل بالعمل ، والإجتهاد بالإجتهاد ، حتى يصل إلى الحد
الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي يخاف
معه الإنقطاع.

وقال أبي الدرداء الصحابي للصبيح قال
يا صبيح تعود العبادة فإن لها عادة

دليل صغير جدا على هذا.. بعض الناس ابتلوا بترك الصلاة ، حين تقول له
صلِّ يجد مشقه عظيمة جدا في المواظبه على الصلوات الخمس التي
هي بالنسبة لك أمر عادي جدا لأن الصلوات الخمس أصبحت بالنسبة لك أمر
تألفه كالهواء ، لا تستطيع أن تستغني عنه لكن هذا الآخر ليس بعد ، يحتاج
إلى أن يتعود على هذا الأمر الذي لم يتعود عليه قبل قس على ذلك كل الطاعات

بعض الناس الصيام عندهم أمر عادي جدا ، لأنهم تعوودوه ، فلم يصر شاقا
عليهم بعض الناس تعودوا قيام الليل فلم يصر شاقا عليهم. بعض الناس
تعودوا النفقة ليس صعبا عليه أن يخرج كل ما في جيبه ينفقه في سبيل الله
فهو ألفها وفعلها كثيرا، ولكن بعض الناس يصعب عليه ذلك فهو لم يعتد
هذه الطاعات
يتبع بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق