الأحد، 5 سبتمبر 2021

موسوعة المؤرخين (129)

 
موسوعة المؤرخين (129)



ابن العديم .. نسبه ومولده (04)

ابن العديم وغزو التتار لحلب
وعندما قصد التتارُ أبوابَ الشام سنة 657هـ، وهرب الملك الناصر
صاحبُ حلب إلى برزة، وهي في أطراف دمشق، فَرَّ معه كثير من الناس
ومنهم ابن العديم، ثم سافر ابنُ العديم إلى غزة ومنها إلى مصر، وقد ذكر
بعضُ المؤرخين أنَّ هولاكو عرض على ابن العديم منصبَ القاضي في
حلب، ولكن ابن العديم رفض أن يجعل نفسه في خدمة الأعداء . ووجد
ابنُ العديم في مصر من الاهتمام والحفاوة ما كان يجده في الشام وغيرها
من البلاد التي رحل إليها، وعاش ابن العديم في مصر خلال الفترة
المُظلمة التي مَرَّت بها حلب، فلما ذهبت عنها الغمة السوداء، وأتت
الأخبارُ بأنَّ عسكر سيف الدين قطز صاحب مصر شَتَّت عسكر هولاكو
في موقعة عين جالوت سنة 658هـ، وأنَّ التتار انهزموا هزيمة ساحقة،
وأنَّ المسلمين أفنوهم، وأنَّهم كسروا على حمص، وجلوا عن حلب سنة
659هـ، عاد ابن العديم وأهله إلى بلده مرة أخرى .

وعندما رجع ابنُ العديم إلى حلب، شَهِدَ فيها مظاهِرَ الخراب والدمار،
ورأى أنَّ وحشية التتار لم تُبْقِ فيها شيئًا، فتألَّم لخرابها بعد العمارة التي
كانت عليها، وكآبتها بعد السُّرور ، فرثاها بقصيدة طويلة جاء فيها:

وَعَنْ حَلَبٍ مَا شِئْتَ قُلْ مِنْ عَجَائِبٍ ***
أَحَلَّ بِهَا يَا صَاحِ إِنْ كُنْتَ تَعْلَــــمُ

غَـــــدَاةَ أَتَـاهَــا لِلْمَنِيَّــــةِ بَغْـتَــــةً ***
مِنَ الْمُغْلِ جَيْشٌ كَالسَّحَابِ عَرَمْرَمُ

إلى قوله:
فَيَـا حَلَبًا أَنَّى رُبُوعُكِ أَقْفَرَتْ ***
وَأَعْيَتْ جَوَابًا فَهْيَ لاَ تَتَكَلَّمُ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق