الأحد، 5 سبتمبر 2021

والله للدنيا أهونُ...

 

والله للدنيا أهونُ...


*عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بالسوق
والناس كَنَفَيْهِ، فمر بِجَدْيٍّ أسَكَّ ميتٍ، فتناوله فأخذ بأذنه، فقال:
(أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟) فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع
به؟ قال: (أتحبون أنه لكم؟) قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه؛ لأنه
أسك فكيف وهو ميت؟! فقال:
(والله للدنيا أهونُ على الله من هذا عليكم).*
صحيح مسلم.

يُبيِّنُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابِهِ رَضيَ اللهُ عنهم، حَقارةَ الدُّنيا
وهَوانَها، وفي هذا الحديثِ يَحكي جابرٌ رَضيَ اللهُ عَنه أنَّ رَسولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم مرَّ بالسُّوقِ، داخلًا مِن بعضِ العاليَةِ، والعاليَةُ
والعوالي أَماكنُ بأَعلى أَراضي المدينَةِ، والنَّاسُ كَنَفَتُه، أي: ناحيتُه، فمَرَّ
بجَدْيٍ، أي: مِن وَلدِ المَعِزِ، مَيِّتٍ، أَسَكُّ: أي صَغيرُ الأُذنِ أَو عَديمُها،
فتَناوَلَه فأَخَذَ بأُذُنه ثُمَّ سَـألَ أَصحابَه رَضيَ اللهُ عنْهُم:
(أَيُّكمْ يُحِبُّ أنَّ هَذا لَه بدِرْهمٍ؟)، وَهذا الاستِفهامُ إِرشادٌ مِنه صلى الله عليه وسلم
وتَنبيهٌ، يُنَبِّهُهم صلى الله عليه وسلم على إِلقاءِ السَّمعِ لِلخِطابِ الخَطيرِ،
وشُهودِ القَلبِ لِمَا يَعنِي به منَ الخَطبِ الجَليلِ؛ وهُو هَوانُ الدُّنيا. فَقالوا:
ما نُحِبُّ أنَّه لنا بشيءٍ، أي: مِنَ الأشياءِ الَّتي هِي أَقلُّ مِنَ الدِّرهمِ فَضلًا
عَنه. وَما نَصنَعُ به؟!: وقَدِ انْقطعتِ الأَطماعُ بذَلكَ عن الِانتِفاعِ بِه،
فأَعادَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَولَه مَرَّةً ثانيةً تَأكيدًا لِلمَقامِ:
(أَتُحبُّون أنَّه لَكم؟) قالوا: وَلو كانَ حيًّا كان عَيبًا فيهِ! فَقالَ النَّبيُّ صلى الله
عليه وسلم: (فَواللهِ لَلدُّنيا أَهونُ على اللهِ)، أي: لَجَميعُ أَنواعِ لَذَّاتِها أَحقَرُ
وأذلُّ عَلى اللهِ مِن هَذا الجَدْيِ الأَسَكِّ المَيِّتِ؛ فَهِي لَيستْ بِشيءٍ عِندَ اللهِ.

الدنيا أهون من أن يضيق الإنسان ذرعاً لقلتها في يده، فالسعادة
ليست بوفرة المال، وإنما هي بالإيمان والقناعة والرضى.
*اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى*.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق