الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

موسوعة المؤرخين (132)

 موسوعة المؤرخين (132)


عز الدين ابن شداد .. المؤرخ الجغرافي الأديب (02)

حياته في حلب وحرَّان
خرج ابن شداد من حلب إلى دمشق سنة 631 هـ، ثم تردد إليها مرارًا،
ثم قطن بها مدة عشر سنين، وزار حران وتولى شؤونها المالية
سنة 638 هـ، ولما سقطت حلب في أيدي التتار سنة 657 هـ، وحدث
فيها ما حدث من الهلع والجزع، خرج منها ابن شداد، كما فعل الملك
الناصر الأيوبي من دمشق، متوجهين إلى مصر.

اتصاله بالسلطان الظاهر بيبرس
ولما انتصر المسلمون بقيادة السلاطين المماليك على المغول وأجلوهم
عن الشام عقب معركة عين جالوت، عاد ابن شداد مع السلطان الظاهر
بيبرس سنة 669 هـ إلى دمشق ورأى معاقل الصليبيين وجيوبهم المتبقية
تخر ساقطة على يدي السلطان الظاهر -أيضًا- وخلفائه، واستمرَّ في خدمة
السلطان الظاهر بيبرس حتى وفاته (676 هـ = 1277 م)، ثم في خدمة
ابنه السلطان الملك السعيد بركة، وناب عن الملك السعيد في مأتم الملك
الظاهر بيبرس في دمشق سنة 676 هـ، ثم لازم السلطان العادل سيف
الدين سلامش، ثم الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي.

وتعبيرًا عن إخلاصه لبيبرس وضع له كتابين: الأول في حياته، وهو
الجزء الأول من الأعلاق "تاريخ حلب"،
أمَّا الكتاب الثاني فهو "السيرة".

مهامه ووظائفه
كان ابن شداد عالمًا بشؤون عصره السياسية والاقتصادية، وأتيح له،
بحكم منصبه، أن يطلع على كثير من الأسرار، فشغل في حياته مناصب
مهمة، وتسلم مسئوليَّات ماليَّة ووصل إلى مرتبة الوزارة.

وقد ترقَّى ابن شداد في مناصب الدولة الأيوبية، وبُعِث رسولًا في أكثر من
مهمَّةٍ سياسيَّة، قال الزركلي: "تولَّى ديوان الرسائل عند هولاكو وغيره
من الملوك". قال الذهبي: "وكان معلومه في الشهر ألف درهم.
وقد عُرِضت عليه الوزارة زمن السعيد فامتنع".

وقارئ كتاب "الأعلاق الخطيرة" الجزء الثالث (تاريخ الجزيرة)، يلحظ
تلك المنزلة التي كانت لابن شداد عند الحكام، حيث يُحدثنا في كتابه هذا
عن علاقاته المتينة بالملوك الأيوبيين وثقتهم به. ومن أهم هذه المهام
سفارته في عهد الملك الناصر يوسف صاحب الشام في سنة (657 هـ‍ =
1258 م)، إلى هولاكو قائد التتار في ميَّافارقين عندما حلَّ المغول بـ
ميافارقين؛ حيث كلفه السلطان بمرافقة عائلته من دمشق إلى حلب،
كما أوكل إليه مهمَّة التفاوض مع المغول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق