السبت، 10 يونيو 2017

التيسير للمسلمين


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
 
( يَسِّروا ولا تُعَسِّروا وبَشِّروا ولا تنَفّروا )
 (رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي).
 
 الدين يسر ، قال تعالى :
 
{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }
 
ولذلك شرع الله بجانب الأحكام الأصلية ، أحكاما مخففة للتيسير
 في الظروف الطارئة ، كقصر الصلاة في السفر والإفطار في رمضان
للمريض والمسافر والتيمم لمن لم يجد الماء ، وغير ذلك. وكان
 رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب التيسير ،
 
( وما خُيِّر بين أمرين إلاّ إختار أيسَرَهُما ما لم يكن إثما )
 
 و كان سهلا إذا باع ، سهلا إذا إشترى ، سهلا إذا قضى ، سهلا إذا
إقتضى. وأمرهُ صلى الله عليه أمته بالتيسير في هذا الحديث ، وسيلة
تربوية فائقة في هذا الدين إختطّت في القرآن الكريم في منهج يقضي
بتدرج الأحكام . وهذا الأسلوب هو ما يجب على المسلم إتباعه في تربية
الأطفال ، حيث يجب التيسير ، كلما كان ذلك ممكنا . والأسلوب نفسه يجب
إتباعه مع قريبي العهد بالإسلام أو أصحاب الأعذار والحرف الشاقة .
فالرخصة ما شُرِعت إلا رأفة من الله بعباده ، فليس لله حاجة في تحمل
المرء مشقة لا يطيقها فليس هناك عبادة مقصودها المشقة والحرج .
 إلاّ أن ذلك لا يعني إتباع الرخص في محلِّها وغير محلها . فرسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم كان يقوم بالليل حتى تورمت قدماه ، ولو إعتمد
على إخبار الله له بغفران ما تقدم من ذنبه وما تأخر كعذر لترك قيام الليل
لما قامه. وهنا يخطئ بعض الناس في الإستفسار عن مسألة معينة في
المذاهب الفقهية المختلفة لكي يأخذوا بأيسرها على الدوام معتبرين أن
ذلك هو المقصود من الأمر بالتيسير ، متناسين الظروف المحيطة بتلك
الرخصة والحدود المسموح بها وعلاقتها مع غيرها من الأحكام . لذلك
فالتيسير ليس معناه التحايل على الأحكام باتباع البدائل السهلة على الدوام
، وإنما أعتبار الحكم المرخص به حكما يجوز الأخذ به إن كان هناك عسر
أو مشقة أو ضيق في الوقت أو إكراه أو ما شابه ذلك. من الأمثلة
الواضحة على التيسير أن لايطيل الإمام القراءة إن كان بين المصلين
شيوخ أو مرضى أو أصحاب حاجات . ولكن له أن يطيل صلاته في جوف
الليل . فالصلاة بقدر تحمل أضعف الناس بين الجماعة هي الصلاة الأفضل
. وكذلك تتحدد سرعة مشي الركب بسرعة أضعف القوم ، لذلك قيل قائد
الركب أضعفهم. وإن خير الأمور أوسطها . فالأخذ بالعزيمة لمن
لا يستطيعها يولد نفورا وكرها للدين! والأخذ بالرخص لمن أوتي قوة
وقابلية يولد فتورا وضعفا في الأيمان . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
 يتفرس في وجه السائل فيجيبه أو ينصحه بحسب طاقته ، فيجيب
الضعيف غير ما يجيب القوي ، ويجيب حديث العهد بالإسلام غير
ما يجيب السابقين الأولين . إن للشطط والغلو مظاهر عديدة ، منها
التناوب بين فترات الفتور في العبادة والغلو فيها فترى المرء تاركا
 للصلاة مسرفا على نفسه حتى إذا جاء رمضان لزم المسجد وهجر الناس
 أو عبد الله بغير ما فرض الله تعالى أو سن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم
كصيام زكريا أو صلاة مائة ركعة في يوم مخصوص ، فإذا ما خرج
 رمضان أو ملّ من العبادة التي فرضها على نفسه عاد لسابق عهده ،
 فترك فرائض الله وسنن رسوله وتلك هي الغواية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق