السبت، 10 يونيو 2017

لحظات تأمل 14


الحلقة الرابعة عشرة

من الأشياء التي تبتهج بها نفسي حين يتهادى إلى أذني

صوت أحد كبار السن وهو يذكر الله ..

لا أدري لماذا يكون لزجل ذي الشيبة بالتسبيح وقع تنفسح به أرجاء النفس

وأحس بسكينة جميلة تتهادى في المكان،

وكأن جلبةً ودوياً يغادران من حولنا ..

بمجرد أن تطفو همسات أحد الكهول متهدجة بعبارة

سبحان الله، سبحان الله

بل وأشعر أن ثمة ما يفرض الصمت والإطراق إجلالاً لتلك التسابيح

الممزوجة بصوت يدبّ دبيباً كأنما أثقلته السنون ..

وخصوصاً إذا كانت تسابيح كبار السن هذه في أواخر الليل،

وهم يحملون على أنفسهم إما لتهجد أو تلاوة،

أو هم يمشون في سواد الليل وقبيل أذان الفجر إلى المسجد، أو نحو ذلك.

ومن الأمور التي كانت تثير انتباهي أن كل من رأيت من كبار السن

الصالحين اللاهجين بذكر الله، أنهم يعيشون « رضا نفسياً » عجيباً ومدهشاً .

لا أعرف أحداً من كبار السن الذاكرين لله إلا وقرأت في روحه طيب الخاطر،

وانشراح الصدر، والرضا الذاتي.

وبكل صراحة فإن هاتين الظاهرتين ( التسبيح ) و ( الرضا )

لم تكونا مرتبطتين في ذهني بصورة واضحة،

ولكن مرت بي آية من كتاب الله كأنها كشفت لي سر هذا المعنى،

وكيف يكون التسبيح سائر اليوم سبباً من أسباب الرضا النفسي،

يقول الحق تبارك وتعالى:

{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا

وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }

لاحظ أولاً في هذه الآية كيف استوعبت سائر اليوم، قبل الشروق،

وقبل الغروب، وآناء الليل التي هي ساعاته، وأول النهار وآخره.

ماذا بقي من اليوم لم تشمله هذه الآية بالحث على التسبيح ؟!

ولذلك شرع الله في هذه المواضع أعظم التسبيح وهو الصلاة.

والرضا في هذه الآية عام في الدنيا والآخرة .

للتأملات بقية ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق