الاثنين، 10 سبتمبر 2018

ثرثرة بالعلم أم عمل و خشية ؟


غالباً ما يخلط الناس بين قاريء جيد أو جامع للأدلة و بين عالم رباني ,
\فمجرد الجمع و الحفظ دون عمل قد يتسبب في شهرة صاحبه خاصة
لو كان صاحب موهبة و بلاغة في الإلقاء , و تعم البلوى بأن يحسب
هذا على العلماء الربانيين و هو أبعد ما يكون عن التطبيق و العمل بما يقول .
و غالباً ما تقع المشاحنات و المجادلات و تدخل الأمة في دوامة المراء
و الاختلاف بسبب دفاع هؤلاء عن ذواتهم و حبهم للظهور و إعلاء
شأن أنفسهم و محاولة استلام دفة الأمور و صرف وجوه الناس إليهم .

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه :
( لَيْسَ الْعِلْمُ لِلْمَرْءِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ وَلَكِنَّ الْعِلْمَ الْخَشْيَةُ )
فكثرة الرواية تدل على صحة الذاكرة و قوتها بينما الخشية تدل على
صحة القلب و سلامته و كم أوتيت الأمة من قبل منافقين علماء اللسان
أصحاب قلوب مداهنة خائنة متكاسلة عن العمل و الخشية .
قال الله تعالى :
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}
[فاطر/28]

قال شيخ الإسلام عن الآية :
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ .
وَهُوَ حَقٌّ ، وَلا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ يَخْشَاهُ
انتهى من [ مجموع الفتاوى (7/539) ]
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى :
{ إنما يخشى الله من عباده العلماء }
قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير...

وقال سعيد بن جبير :
الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل .
وقال الحسن البصري : العالم من خشي الرحمن بالغيب ، ورغب
فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ، ثم تلا الحسن :
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } .
قال سفيان الثوري عن أبي حيان التيمي عن رجل قال :
كان يقال العلماء ثلاثة : عالم بالله عالم بأمر الله ، وعالم بالله ليس
بعالم بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله .
فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله تعالى ويعلم الحدود والفرائض ،
والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله :
الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض .
والعالم بأمر الله ليس العالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض
ولا يخشى الله عز وجل
[ انتهى من تفسير ابن كثير (4/729) باختصار]

أبو الهيثم محمد درويش


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق