الأحد، 9 سبتمبر 2018

كيف أتخلص من غيرتي على صديقتي البوية

أ. عائشة الحكمي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذه الشبكة التي أتاحت لي فُرصة طرْحِ مُشكلتي.

تعرَّفتُ على فتاةٍ مِن خلال (البلاك بيري)، كنتُ أعتبرها صديقةً لي لا
أكثر ولا أقل، ولكن حدَث ما هو أكبر مِن ذلك، إذ عشقتُ هذه الفتاة!
خصوصًا أنها مِن فئة (البويات)! أحببتُها حبًّا لا أستطيع وصْفَه،
تعلَّقْتُ بها، وأصبحتُ أُفَكِّر فيها طوال الوقت، أخذتْ مني أكثر وقتي،
حادثتُها وانشغلتُ عنْ دراستي، أصبحْتُ لا أفَكِّر إلَّا فيها،
وماذا سأفعل إذا قابلتُها، لا سيما وأنَّ كلَّ واحدة منَّا في مدينة بعيدة عنِ الأخرى!
في بداية الأمرِ بادَلَتْني نفس الشُّعور، وأشْعَرَتْني بأنني أهم ما
لديها في هذه الحياةِ، فقد كانتْ غَيْرَتُها عليَّ حتى مِن إخوتي!
وعندما أقصُّ عليها ما يحدث بيني وبين صديقاتي تغير عليَّ،
وتشكُّ فيَّ، وتعتقد أنَّ لي علاقةً بإحدى البويات!
كثيرًا ما نتشاجَر بسبب هذا الأمرِ، ولكن لا يستمر شجارُنا كثيرًا،
فسرعان ما نتصافى ونتصالَح.
تغيَّر الحالُ، وأصبحتُ أنا مَن يغار عليها
مِن صديقاتها، بل مِن جميع من حولها!
بدأتْ تتضايَق مِن كثْرة غيرتي عليها، وتُغَيِّر مِن أُسلوبها تُجاهي،
وعندما سألتُها قالتْ: هناك بعض الظروف لديها غيَّرتْ منها!
ماذا أفعل، وأنا أحبها ولا أستطيع أن أتخلصَ مِن غيرتي عليها، ولا أتحمَّل فراقها؟!

الجواب
بسم الله الموفِّق للصواب
وهوالمستعان
لا حول ولا قوة إلا بالله
صغيرتي العزيزة، لا يقتصر العملُ الصالحُ على العبادات؛ مِن صلاةٍ،
وصومٍ، وصدقة، وتلاوةٍ للقرآن المجيد، بل يتَّسع مفهومُ العمل الصالح،
ليشملَ تخيُّرَ الزوج الصالح، وتربيةَ أبناء صالحين مُصلحين،
وحب الأصدقاء المخلصين في الله رب العالمين.
إلَّا أنه ليس كلُّ عمل - نحسَبه صالحًا - مقبولًا عند الله - عز وجل،
ألم يقلْ عزَّ من قائل - سبحانه - حكايةً عن ابني آدم:
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا
وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ }
[المائدة: 27]؟!
فمِن العملِ ما ينفع الناسَ بغير نيةٍ مِن صاحبِه، ومن العمل ما قصد به
الناسَ والثناءَ الحسن، ومنه ما هو عملٌ غير صالح!
ألم يقلْ - سبحانه - حكايةً عن نوحٍ وابنه في قصة الطوفان:
{ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ
وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ }
[هود: 45 - 46]؟!
وإذا وضعْنا عمَلَكِ هذا في ميزان الأعمال، أعني به صديقتك ،
فبأيِّ وصفٍ ستُقدِّمين عملَكِ هذا يومَ القيامة؟! هل ستقولين:
صديقتي البوية يا رب؟! وهل الصديقة البوية عملٌ صالِحٌ؟!
ألم يروِ البخاريُّ في صحيحه عن ابن عباس، قال: لعَنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم –
( المخنَّثين مِن الرجال، والمترجِّلات مِن النساء، وقال:
( أخرجوهم مِن بيوتِكم )،
قال: فأخرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فلانًا، وأخرج عمرُ فلانًا؟!)
ألم يروِ النسائيُّ في سننه عن ابن عمر - رضي الله عنهما
- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( ثلاثةٌ لا ينظر اللهُ - عز وجل - إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه،
والمرأة المترجِّلة، والديوث، ‏وثلاثةٌ لا يدخلون الجنة:
العاقُّ لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنَّان بما أَعطى )؟!
قال المُناوي في فيض القدير :
المترَجِّلة - وهو بفتح الراء، وكسر الجيم -: التي تتشبَّه بالرجال في زيِّهم،
أو مَشيِهم، أو رفعِ صوتهم، أو غير ذلك، أمَّا في العلم والرَّأي فمحمودٌ،
ويُقال: كانتْ عائشةُ رَجُلةَ الرَّأي، قال الذهبي: فتشبُّه المرأةِ بالرجل
بالزيِّ والمِشْية ونحو ذلك من الكبائرِ لهذا الوعيدِ .
وإذًا، لا بُد أن تُراجعي هذه العلاقةَ الناشئة عن طريق وسيلةِ اتِّصال
لا يوثق بها في تكوين العَلاقات الاجتماعيَّة، والصَّداقات الحميمة -
مراجعةً ناقدةً، فكلُّ ما في كلامكِ عنها يوحي بانحرافِ هذه الصداقة
عنْ جادَّةِ الحبِّ في الله! كقولك مثلًا: عشِقتُ هذه الفتاة !
وما أبيْنَ الفرقَ بين الحبِّ في اللهِ، والعشقِ تحت مباركة الشيطان!
وكذلك غيرتُكِ علي
ها؛ فالغيرةُ - يا صغيرتي - لا تُحمد بين الجنسَيْن إلَّا في حدود معقولةٍ؛
كغَيْرة الرجُل على أهلِ بيته، وغيرة الزوجة على زوجِها،
فإنْ كنتِ تحبِّين صديقتَكِ هذه في الله، فانصحيها للهِ أن تعتزَّ بأنوثتِها
التي خلَقها اللهُ عليها، وأن تتركَ التشبُّه بزيِّ الرجال وأفعالِهم،
فإن لم تقبلْ منكِ النُّصحَ والتوجيه، فاتركيها
للهِ - عز وجل - وسيعوِّضُكِ اللهُ صديقةً خيرًا منها، فـــ
( إنك لن تدعَ شيئًا اتقاءَ الله - عز وجل - إلا أعطاك اللهُ خيرًا منه )؛
رواه أحمد، وأنتِ - عزيزتي - طالبة الجنة - بفضل الله
- فلا تطلبيها بما يُغضب خالقَ هذه الجنة - عز وجل!

والله - سبحانه وتعالى - أعلمُ بالصواب، والحمد لله وحده
منقول للفائدة


رد مع اقتباس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق