الخميس، 28 مارس 2024

الاعتكاف - حكمته وأحكامه

 

الاعتكاف - حكمته وأحكامه


الاعتكاف الأعظَم: عُكوف القلب على الله - تعالى - وجمعه عليه، والخلوة به،

والانقِطاع عن الاشتِغال بالخلق، والاشتِغال به وحدَه - سبحانه - بحيث يَصِير ذكرُه وحبُّه

والإقبال عليه في محلِّ هموم القلب وخَطراته، فيستَولِي عليه بدلها، ويَصِير الهم كلُّه به،

والخطرات كلُّها بذكره، والتفكُّر في تحصيل مراضيه وما يُقرِّب منه،

فيَصِير أنسُه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له،

ولا ما يفرح به سواه

ومن مَقاصِد الاعتكاف تحصيلُ ليلة القدر، والتفرُّغ في ليلتها للطاعات؛

فعن أبي سعيدٍ الخدري - رضِي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - اعتَكَف العشر الأُوَل من رمضان،

ثم اعتَكَف العشر الأوسط في قبَّة تركيَّة على سدَّتها حصير، قال: فأخَذ الحصير بيده فنحَّاها في ناحية القبَّة،

ثم أطلع رأسه فكلَّم الناس فدنوا منه، فقال:

((إنِّي اعتكفتُ العشر الأُوَل ألتَمِس هذه الليلة، ثم اعتَكفتُ العشر الأوسط،

ثم أُتِيتُ فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمَن أحبَّ منكم أن يعتَكِف فليعتَكِف))،

فاعتكف الناس معه، قال: ((وإنِّي أُرِيتها ليلةَ وترٍ، وإنِّي أسجُدُ صبيحتها في طينٍ وماء))،

فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح، فمطرت السماء

فوكف المسجد فأبصرت الطين والماء، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه ورَوْثَة أنفه فيهما الطينُ والماءُ،

وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر

سنَّة الاعتكاف:

الإعتكاف مسنونٌ للرجال والنساء في مساجد الصلوات الخمس والجوامع؛

فعن عائشة - رضِي الله عنها - قالت: "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -

يعتَكِف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله، ثم اعتَكَف أزواجه من بعده"

فتعتَكِف المرأة في المسجد إذا لم يُخشَ عليها.

وعلى المعتَكِف أنْ يُرجِّح بين المصالح والمفاسد؛ فمثلاً مَن كان عنده أبَوان يحتاجانه،

أو كان له أولادٌ يحتاجون إلى رِعاية ومُتابعة على الصلاة وغيرها،

فهذا يَترُك الاعتكاف، فالاعتكاف أفضل من تَركِه غالبًا في حقِّ مَن ليس لدَيْه أولاد كبار،

فليستغلَّ المرء هذه الفترة لأنَّه سيمرُّ عليه وقتٌ قد لا يتمكَّن من الاعتِكاف،

وكذلك كبار السن ممَّن استقلَّ أولادهم عنهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق