الثلاثاء، 14 مايو 2024

أبوهم في حالة خرف وطلق أمهم فهل يقع ؟

أبوهم في حالة خرف وطلق أمهم فهل يقع ؟ وهل يضعونه في دار المسنين ؟

أبي رجل طريح الفراش وعنده من الأمراض ما عنده وأحيانا لا يدرك ما يقول ،
وأحياناً أخرى تجده يحسب المال بالقرش كما أنه كثير سباب الدين
ونظره ضعيف مع العلم بأنه لا يسمع بالمرة ، وكثيراً ما يتبول في فراشه
ثم يلقى بوله على الأرض وعندما نصل إليه ونسأله يرد مرة بالإنكار
ومرة علشان تمسحوا بالعند ، وذات مرة توضأت أمي فنادى عليها فذهبت له فرش عليها البول
فنهرته أمي فقال لها : سوف أطلقك وبعد قليل قال لها أنت طالق ، فماذا عن هذا الطلاق ؟
وكيف نتعامل مع هذا الأب وهو وصل إلى حالة سيئة جدّاً ولا يحتمل ؟
فهل لنا أن نودعه دار المسنين ؟

الجواب
الحمد لله.

الذي يظهر من تصرفات والدكم أنه بلغ مرحلة الخرف ، وبها تسقط عنه التكاليف الشرعية ،
فلا يؤمر بصلاة ولا صيام ، ولا يقع منه يمين ولا نذر ولا طلاق .

وإذا استطعتم الصبر على تصرفاته وتحملها فافعلوا ،
وإن لم تستطيعوا فلا حرج عليكم في الذهاب به إلى دار ترعى المسنين ،
على أن تستمروا في بره وزيارته ، وتلبية احتياجاته المادية والمعنوية قدر استطاعتكم .

واعلموا أن الله تعالى قد أوصاكم بوالديكم خاصة عند الكبَر لشدة الحاجة في ذلك الوقت ،
وقد نهى الله تعالى عن التضجر والإساءة بالفعل والقول ولو بقول " أف " .

قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا .
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23 ، 24 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :

ثم ذكر [ الله عز وجل ] بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال : وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
أي : أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد
ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر .

إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا أي : إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف
فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف : فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ
وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه ، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية .

وَلَا تَنْهَرْهُمَا أي : تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا ، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا بلفظ يحبانه
وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما ، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان .

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ أي : تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر
لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما ، ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد .

وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا أي : ادع لهما بالرحمة أحياء وأمواتا ، جزاء على تربيتهما إياك صغيراً .

وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق ،
وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين
فإن له على من رباه حق التربية . " تفسير السعدي " ( ص 407 ، 408 ) .

والله أعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق