الأربعاء، 7 يوليو 2021

موسوعة المؤرخين (76)

 


موسوعة المؤرخين (76)

ابن حيان القرطبي..شيخ مؤرخي الأندلس (01)

يتبوأ ابن حيان القرطبي الأندلسي مكانة مرموقة بين مفكري الأندلس؛
نتيجة لما أخرجه من تراث تاريخي لا يمكن الاستغناء عنه في دراسة
تاريخ المغرب والأندلس، وهو بلا شك -كما يؤكد دكتورمحمود علي مَكي:
"أعظم مؤرخ أنجبته الأندلس، بل والغرب كله الإسلامي والمسيحى منه
على السواء"، وقد أشاد المستشرق الهولندي دوزي Dozy
(ت 1883م) بصدق الرواية عند ابن حَيَّان؛ ناهيك عن شهادة المؤرخ
والفيلسوف ابن خلدون (ت 808هـ / 1406م) في مقدمته فقال أنه: "قَيَّد
شوارد عصره واستوعب أخبار أفقه وقطره". فمن هو ابن حيان شيخ
مؤرخي الأندلس وعمدتهم؟

نسب ابن حيان ونشأته:
هو الإمام، المحدث، المؤرخ، النحوي، صاحب التصانيف، أبو مروان
حيان بن خلف بن حسين بن حيان بن محمد بن حيان بن وهب بن حيان
القرطبي الأندلسي الأخباري الأديب، شيخ الأدب ومؤرخ الأندلس
ومسندها. ابن أسرة عُرفت بقربها من السلطة، فقد كان جده الكبير حيان
مولى للأمير عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك
بن مروان مؤسس الدولة الأموية في الأندلس. ولد ابن حيان في قرطبة
حاضرة الأندلس سنة 377هـ / 987م، وكان أبوه خلف بن حيان كاتبًا
لشؤون المال والإدارة لدى المنصور بن أبي عامر حاكم الأندلس

المطلق، أي أحد وزرائه بمفهوم عصرنا، وتوطدت علاقة الوالد
بالمنصور فلازمه في غدواته وغزواته إلى الممالك النصرانية في الشمال.

شيوخه وتلاميذه:
ذكره الحافظ أبو علي الغساني في شيوخه وقال: "كان عالي السن،
قوي المعرفة مستبحرا في اللآداب بارعا فيها، صاحب لواء التاريخ
بالأندلس، أفصح الناس فيه، وأحسنهم نظما له. لزم الشيخ أبا عمر بن
أبي الحباب النحوي صاحب أبي علي البغدادي، ولزم أبا العلاء صاعد
بن الحسن الربعي البغداذي وأخذ عنه كتابه المسمى بالفصوص، وسمع
الحديث علي أبي حفص عمر بن حسين بن نابل وغيره". وروى عنه
أبو محمد عبد الرحمن بن عتاب، وأبو الوليد مالك بن عبد الله السهلي،
والحافظ أبو علي الغساني، وقد أثنى عليه الحافظ الغساني في فصاحته
وصدقه وبلاغته وقال: وسمعته يقول:" التهنئة بعد ثلاث استخفاف
بالمودة، والتعزية بعد ثلاث إغراء بالمصيبة".

ولم يذكر الذين ترجموا لابن حيان أنه تنقل في مدن الأندلس، أو
غادرها إلى بلاد المشرق، كغيره من العلماء والأدباء. وقد كتب ابن حيان
في كتبه عن أبيه روايات تاريخية عدة عن أحداث وقعت في قصور
الخلافة الأموية في الأندلس، ساهمت في إيقاظ حاسته التاريخية، ومكنته
من الوقوف على شؤون الدولة ودراسة مختلف التيارات السياسية.

كما سنحت لابن حيان، وهو معاصر لدول الطوائف، ومدوِّن لأحداثها،
فرصة لدراسة أحوال هذه الدويلات عن قرب، فقد ولى الوزارة لبني
جهور سادة قرطبة وحكامها عن طريق نظام الجماعة أو الشورى،
وكان أحد معاوني أبي الوليد محمد بن جهور ابن أبي الحزم بن جهور
مؤسس حكومة الشورى، واستمر في وظيفة الوزارة حتى انهيار دولة
بني جهور، إثر افتتاح المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية لها في سنة 462هـ
/1070م، وعلى إثر هذا الفتح أرسل ابن حيان برسالة تهنئة
إلى المعتمد بن عباد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق