الاثنين، 9 مايو 2022

طمأنة الخائف

طمأنة الخائف


الخوف الشديد جمرة من العذاب، يجعل القلب يقلق، والنفس تذهل، ولقد صور القرآن الكريم حال من أُصيب بخوف شديد، قال الله عز وجل عن المنافقين: ﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ [الأحزاب: 19]، قال الإمام الشوكاني رحمه الله: الذي نزل به الموت وغشيته أسبابه، يذهل ويذهب عقله، ويشخص بصره فلا يطرف، كذلك هؤلاء تشخص أبصارهم لما يلحقهم من الخوف، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله سبحانه وتعالى: (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ)؛ لأن الخائف غالبًا يُركز على جهة الخوف... وتدور عيناه على غير نظر سليم، يعني: كأنها تدور بغير اختيارهم من شدة الخوف.
والخائف يمكن الاستدلال على خوفه من ملامحه؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ ﴾ [هود: 70]؛ قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ﴿ قالوا لا تَخَف ﴾، قالوا له هذه المقالة مع كونه لم يتكلم بما يدل على الخوف، بل أوجس ذلك في نفسه، فلعلهم استدلوا على خوفه بأمارات كظهور أثره على وجهه.
وقال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ ﴾ [العنكبوت: 33]؛ قال العلامة العثيمين: من فوائد الآية الكريمة: الاستدلالُ على الأحوال بالملاح، لقولهم: (لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ)، ولأنهم رأوا من العلامات الظاهرة على ملامحه ما يدلُّ على خوفه، وقال الله عز وجل: ﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾ [الذاريات: 28]، قال العلامة الشوكاني رحمه الله: فلما رأوا ما ظهر عليه من أمارات الخوف، (قالوا لا تَخَف).
وفي حادثة صلح الحديبية دخل أحد الرجلين الذي فرَّ من أبي بصير رضي الله عنه، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علية الصلاة والسلام حين رآه: (لقد رأى هذا ذُعرًا)؛ أي: خوفًا.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق