الجمعة، 5 أغسطس 2022

الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن (24)

 

الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن (24)



* الثامن من تلك الضوابط والقواعد :
وهو ضابط مهم , لا بدَّ من أن يكون لك على بال , هو ضابط التولي للكفار :
فهاهنا عندنا في الشرع , وعند أئمة التوحيد , لفظان لهما معنيان ,
يلتبس أحدهم بالآخر عند كثيرين :
الأول : التولي .
الثاني : الموالاة .
التولي : مكفر .
الموالاة : غير جائزة.
والثالث : الاستعانة بالكافر واستئجاره : جائزة بشروطها .

فهذه ثلاث مسائل .
* أما التولي ؛ فهو الذي نزل فيه قول الله جلَّ وعلا :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)

وضابط التولي : هو نصرة الكافر على المسلم وقت الحرب المسلم والكافر , قاصداً ظهور الكفار على المسلمين .
فأصل التولي : المحبة التامة , أو النصرة للكافر على المسلم , فمَن أحب الكافر لدينه ؛ فهذا قد تولاَّه تولياً , وهذا كفر .

* وأما موالاة الكفار ؛ في مودتهم , ومحبتهم لدينهم , وتقديمهم ,
ورفعهم , وهي فسق وليست كفراً .
قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ
إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (الممتحنة:1)

قال أهل العلم : ناداهم باسم الإيمان , وقد دخل في النداء من ألقى المودة
للكفار , فدلَّ على أن فعله ليس كفراً , بل ضلال عن سواء السبيل .

وذلك لأنه ألقى المودة, وأسر لهم ؛ لأجل الدنيا , لا شكّاً في الدين .

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمَن صنع ذلك : ما حملك على ما صنعت ؟ . قال :
والله ما بي إلا أن أكون مؤمناً بالله ورسوله , أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي ...
الحديث أخرجاه في الصحيحين .

فمن هذا يتبيَّن أن مودة الكافر والميل له لأجل دنياه ليس كفراً إذا
كان أصل الإيمان والاطمئنان به حاصلاً لمن كان منه نوع موالاة .

* وأما الاستعانة بالكافر على المسلم أو استئجاره ؛ فهذا قال أهل العلم
بجوازه في أحوال مختلفة ؛ يفتي أهل العلم في كل حال , وفي كل واقعة ,
بما يرونه يصح أن يُفتى به .
وأما إعطاء الكفار أموالاً صدقة أو للتآلف أو لدفع الشرور
فهذا له مقام آخر , وهو نوع آخر غير الأقسام الثلاثة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق