الأربعاء، 3 أغسطس 2022

اقتحم العقبة

اقتحم العقبة


أبوك قاسي ويعاملك بكل صرامة، يبدو أنه خُلق بلا رحمة.. لا تحس تجاهه بأحاسيس البنوة وتشعر أنه مخلوق بلا أي معنى للأبوة؛ شحيح في النفقة، صلف في التعامل، فظٌ في الحديث، يدخل البيت فتتمنى أنه يخرج، ويسافر فترجو أن يطول سفره.. لا تستطيع البوح له بمكنونات نفسك ولا تقدر الحديث معه عن مشكلاتك. تبحث بين عينيه عن الحنان فلا تجده وتتلمس في كفيه الرأفة فلا تشعر بها.
اقتحمِ العقبةَ؛ "ادفع بالتي هي أحسن"، إنه أب مهما فعل.
أتعرف ما معنى أب؟
اقتحم كل ما تجده في نفسك تجاهه واقفز إليه من وراء كل تلك الأسوار التي في قلبك.. كسر كل الجدران التي بينك وبينه بمعول الصبر وإزميل التقوى، انفذ إلى قلبه بكل ما تستطيع من حزم وعزم وشكيمة وجلد.
أطفئ كل جمرة في قلبك تجاهه بدموع تلك الآيات التي تأمرك ببره ولو كان كافرًا.. أخرج كل زفرات قلبك بتنهيدات ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾، ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾، وواصل الدفع واستمر ولا تعجز، لا تستعجل النفوذ إلى قلبه فإنك ستصل إلى جنة غناء لكن بعد اختبار صعب في صدقك في الوصول إليها.
لا تنتظر - وأنت تدفع - أيَّ ردة فعل منه تجاه إحسانك، لكن واصل الدفع حتى تجف عينك من البكاء ويتعب قلبك من الأزيز..
وفي لحظة ما ستصل وعندها لن تفرح فقط بوصولك لكن بتوفيق الله لك خلال تلك الرحلة التي لم يكن حاديك فيها إلا ﴿ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق