عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ
سَلَّمَ قَالَ
( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السُّوءِ الْعَائِدُ فِي
هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ
)
الشــــــــروح
قَوْلُهُ ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ )
أَيْ : لَا يَنْبَغِي لَنَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ
أَنْ نَتَّصِفَ بِصِفَةٍ ذَمِيمَةٍ
يُشَابِهُنَا فِيهَا أَخَسُّ الْحَيَوَانَاتِ فِي
أَخَسِّ أَحْوَالِهَا
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ
تَعَالَى
{ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ
السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى }
وَلَعَلَّ هَذَا أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ
وَأَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ مِمَّا لَوْ قَالَ :
لَا تَعُودُوا فِي الْهِبَةِ ،
وإِلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي
الْهِبَةِ بَعْدَ أَنْ تُقْبَضَ ،
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا هِبَةَ
الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ جَمْعًا بَيْنَ هَذَا
الْحَدِيثِ
وَحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي
قَيْئِهِ )
وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ : الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ ،
قَالَ الطَّحَاوِيُّ : قَوْلُهُ : ( كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ ، وَإِنِ
اقْتَضَى التَّحْرِيمَ لِكَوْنِ الْقَيْءِ حَرَامًا .
لَكِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
، وَهِيَ قَوْلُهُ كَالْكَلْبِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ
التَّحْرِيمِ ؛
لِأَنَّ الْكَلْبَ غَيْرُ مُتَعَبِّدٍ فَالْقَيْءُ لَيْسَ
حَرَامًا عَلَيْهِ ،
والْمُرَادُ التَّنْزِيهُ عَنْ فِعْلٍ يُشْبِهُ
فِعْلَ الْكَلْبِ ،
وتُعُقِّبَ بِاسْتِبْعَادِ مَا تَأَوَّلَهُ
وَمُنَافِرَةِ سِيَاقِ الْأَحَادِيثِ لَهُ ،
وَبِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ فِي مِثْلِ هَذِهِ
الْأَشْيَاءِ يُرِيدُ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي الزَّجْرِ
كَقَوْلِهِ : مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ
فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق