السبت، 9 أبريل 2016

الأخلاق المذمومة " الحسد " ( الجزء السابع والأخير - 07 )

تحاسد بعض طلبة العلم والأقران

قد يجرُّ التنافس بين بعض طلبة العلم إلى الوقوعِ في بعض التحاسد،

 قال الذهبي :

[ كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة،
 أو لمذهب، أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عصم الله،
وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين،
 ولو شئت لسردت من ذلك كراريس،

{ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
[ الحشر : 10 ]


وذكر الغزالي حال بعض أولئك الحسدة ؛ فقال :
 
 [ واحذر مخالطة متفقهة الزمان، لا سيما المشتغلين بالخلاف
 والجدال واحذر منهم؛ فإنهم يتربصون بك- لحسدهم- ريب المنون،
 ويقطعون عليك بالظنون، ويتغامزون وراءك بالعيون،
ويحصون عليك عثراتك في عشرتهم، حتى يجابهوك بها في حال
غيظهم ومناظرتهم، لا يقيلون لك عثرة، ولا يغفرون لك زلة،
ولا يسترون لك عورة، يحاسبونك على النقير ، والقطمير ،
ويحسدونك على القليل والكثير، ويحرضون عليك الإخوان بالنَّمِيمَة،
 والبلاغات، والبهتان، إن رضوا فظاهرهم الملق،
وإن سخطوا فباطنهم الحنق، ظاهرهم ثياب، وباطنهم ذئاب.

هذا ما قطعت به المشاهدة على أكثرهم، إلا من عصمه الله تعالى؛
 فصحبتهم خسران، ومعاشرتهم خذلان.
هذا حكم من يظهر لك الصداقة ، فكيف من يجاهرك بالعداوة  ؟ ].

وقد نهى العلماء عن الخوض في أهل العلم
 بلا برهان واضح وبينة ساطعة


 قال ابن عبد البر :

[ لا يقبل فيمن صحت عدالته، وعلمت بالعلم عنايته، وسلم من الكبائر،
 ولزم المروءة والتصاون ، وكان خيره غالبًا، وشرُّه أقل عمله،
 فهذا لا يقبل فيه قول قائل لا برهان له به،
وهذا هو الحقُّ الذي لا يصحُّ غيره إن شاء الله



قال أبو العتاهية :

بكى شجوه الإسلام من علمائه          فما اكترثوا لما رأوا من بكائه
فأكثرهم مستقبح لصواب من            يخالفه مستحسن لخطائه
فأيهم المرجو فينا لدينه          وأيهم الموثوق فينا برأيه ]


وصف البلغاء والحكماء للحسد

قد أكثر الكتاب والبلغاء والحكماء من وصف الحسد والتحذير منه،
وما ذاك إلا لشديد قبحه ودناءته؛

ومن ذلك :
 
قال بعض الحكماء :

[ ما أمحق للإيمان، ولا أهتك للستر، من الحسد،
وذلك أنَّ الحاسد معاند لحكم الله، باغٍ على عباده، عاتٍ على ربه،
يعتدُّ نعم الله نقمًا، ومزيده غيرًا، وعدل قضائه حيفًا، للناس حال وله حال،
 ليس يهدأ ولا ينام جشعه، ولا ينفعه عيشه، محتقر لنعم الله عليه،
 متسخط ما جرت به أقداره، لا يبرد غليله، ولا تؤمن غوائله؛
إن سالمته وَتَرك، وإن واصلته قطعك، وإن صرمته سبقك ] .

وسئل بعض الحكماء :
 أي أعدائك لا تحبُّ أن يعود لك صديقًا ؟

 قال :
 الحاسد الذي لا يرده إلى مودتي إلا زوال نعمتي  .

وقيل :
 من صغر الهمة الحسد للصديق على النعمة  .

وقيل :
 ليس من الحسد سرور  .

وقيل :
 من علامات الحاسد أن يتملق إذا شهد، ويغتاب إذا غاب،
 ويشمت بالمصيبة إذا نزلت  .

وقيل :
 الحاسد إذا رأى نعمة بهت، وإذا رأى عثرة شمت  .

وقيل :
 الحاسد يعمى عن محاسن الصبح  .

وقيل :
  الناس حاسد ومحسود، ولكل نعمة حسود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق