الجمعة، 8 أبريل 2016

الأخلاق المذمومة " الحسد " ( الجزء السادس - 07 )


 علامات الحاسد
 
قال الجاحظ :
 
 [ وما لقيت حاسدًا قط إلا تبين لك مكنونه بتغير لونه،
وتخوُّص عينه، وإخفاء سلامه، والإقبال على غيرك،
والإعراض عنك، والاستثقال لحديثك، والخلاف لرأيك ].
 
من أخبار التحاسد
 
كان الخليفة الناصر الأندلسي قد وشح ابنه الحكم، وجعله ولي عهده،
 وآثره على جميع ولده، ودفع إليه كثيرًا من التصرف في دولته،
فحسده أخوه عبد الله، فأضمر في نفسه الخروج على أبيه،
وتحدث مع من داخله شيء من أمر الحكم من رجالات أبيه،
 فأجابه بعضهم، ثم إنَّ الخبر بلغ الخليفة الناصر، فاستكشف أمرهم،
 وقبض على ابنه عبد الله وعلى جميع من معه،
 وقتلهم أجمعين سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة  .
 
 
كان جنكيز خان سنَّ لقومه الياسق يتحاكمون إليه،
وقرر فيه قتل من رعف وسال منه الدم وهو يأكل،
وقرر لهم أن من لم يمضِ حكم الياسق قتل،
وأراد أن يقتل بعض من حوله من كبار قومه للتحاسد الذي يظهر منهم،
 فتركهم يومًا وهم على سماطه ورَعَّف نفسه، فلم يجسر أحد أن يمضي فيه
حكم الياسق لمهابته وجبروته، فتركوه ولم يطالبوه بما قرره،
وهابوه في ذلك، فتركهم أيامًا، ثم جمع مقدميهم وأمراءهم،
 
وقال :
 لأي شيء ما أمضيتم فيَّ حكم الياسق،
وقد رعفت وأنا آكل بينكم؟
 
قالوا :
 لم نجسر على ذلك
 
 فقال :
لم تعملوا بالياسق ولا أمضيتم أمره، وقد وجب قتلكم،
 فقتلهم أجمعين من نوادر التحاسد
 
 
قال الشعبي :

[ وجهني عبد الملك إلى ملك الروم، فلما انصرفت دفع إليَّ كتابًا مختومًا،
 فلما قرأه عبد الملك رأيته تغير،
وقال:
يا شعبي، أعلمت ما كتب هذا الكلب ؟

قلت:
 لا،
 
قال:
إنه كتب: لم يكن للعرب أن تملك إلا من أرسلت به إليَّ ؟
 
 فقلت:
 يا أمير المؤمنين، إنه لم يركَ، ولو رآك لكان يعرف فضلك،
 وإنه حسدك على استخدامك مثلي! فَسُرِّي عنه ]
 
 
وقال الأصمعي :

[ كان رجل من أهل البصرة بذيئًا شريرًا،
 يؤذي جيرانه ويشتم أعراضهم ، فأتاه رجل فوعظه ،
 فقال له :
 ما بال جيرانك يشكونك ؟
 
قال:
 إنهم يحسدونني؛
 
قال له:
 على أي شيء يحسدونك ؟

قال:
على الصلب،
 
قال:
 وكيف ذاك ؟
 
قال:
 أقبل معي .
 
فأقبل معه إلى جيرانه، فقعد متحازنًا،
 
فقالوا له:
ما لك؟
 
قال:
طرق الليلة كتاب معاوية :
 أني أصلب أنا ومالك بن المنذر وفلان وفلان
 
- فذكر رجالًا من أشراف أهل البصرة
 
فوثبوا عليه، وقالوا:
يا عدو الله، أنت تصلب مع هؤلاء ولا كرامة لك ؟!
 
فالتفت إلى الرجل فقال:
 أما تراهم قد حسدوني على الصلب،
 فكيف لو كان خيرًا! ]
 
 
إلي اللقاء مع الجزء السابع والأخير إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق