الاثنين، 4 أبريل 2016

الأخلاق المذمومة " الحسد " ( الجزء الثاني - 07 )

أقوال السلف والعلماء في الحسد  

- قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما : 

[ كلُّ الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة،
 فإنه لا يرضيه إلا زوالها ]


 وقال ابن سيرين :
 
[ ما حسدت أحدًا على شيء من أمر الدنيا؛
لأنَّه إن كان من أهل الجنة، فكيف أحسده على الدنيا،
وهي حقيرة في الجنة؟! وإن كان من أهل النار،
 فكيف أحسده على أمر الدنيا، وهو يصير إلى النار؟! ] .


وقال الحسن البصري :

 [ ما رأيت ظالـمًا أشبه بمظلوم من حاسد، نفس دائم،
 وحزن لازم، وغمٌّ لا ينفد ]  .


  وقال أبو حاتم :
 
[ الواجب على العاقل مجانبة الحسد على الأحوال كلِّها،
 فإنَّ أهون خصال الحسد هو ترك الرضا بالقضاء،
وإرادة ضد ما حكم الله جل وعلا لعباده،
 ثم انطواء الضمير على إرادة زوال النعم عن المسلم،
والحاسد لا تهدأ روحه، ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية
زوال النعمة عن أخيه، وهيهات أن يساعد القضاء ما للحساد في الأحشاء ] .

وقال كذلك :
 
[ الحسد من أخلاق اللئام، وتركه من أفعال الكرام،
 ولكلِّ حريق مطفئ، ونار الحسد لا تطفأ ] .


 وقال أبو الليث السمرقندي :
 
[ يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود :
 أولاها :   غمٌّ لا ينقطع.
الثانية :   مصيبة لا يُؤجر عليها.
 الثالثة :   مذمَّة لا يُحمد عليها.
 الرابعة: سخط الرب.
الخامسة :     يغلق عنه باب التوفيق ] .


  وقال الجاحظ :

[ ومتى رأيت حاسدًا يصوب إليك رأيًا إن كنت مصيبًا،
 أو يرشدك إلى صواب إن كنت مخطئًا، أو أفصح لك بالخير في غيبته عنك،
 أو قصر من غيبته لك ؟ فهو الكلب الكَلِب، والنمر النَّمِر،
والسمُّ القَشِب، والفحل القَطِم ، والسيل العَرِم  .
إن ملك قتل وسبى، وإن مُلِك عصى وبغى. حياتك موته،
وموتك عرسه وسروره. يصدِّق عليك كلَّ شاهد زور،
ويكذِّب فيك كلَّ عدل مرضي. لا يحب من الناس إلا من يبغضك،
ولا يبغض إلا من يحبك. عدوك بطانة وصديقك علانية
أحسن ما تكون عنده حالًا أقل ما تكون مالًا، وأكثر ما تكون عيالًا،
 وأعظم ما تكون ضلالًا. وأفرح ما يكون بك أقرب ما تكون بالمصيبة عهدًا،
 وأبعد ما تكون من الناس حمدًا، فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الموتى،
 ومخالطة الزَّمنى ، والاجتنان بالجدران، ومصر المصران،
وأكل القردان، أهون من معاشرته والاتصال بحبله ] .


 وقال الجرجاني :

 [ كم من فضيلة لو لم تستترها المحاسد لم تبرح في الصدور كامنة،
 ومنقبة لو لم تزعجها المنافسة لبقيت على حالها ساكنة !
لكنها برزت فتناولتها ألسن الحسد تجلوها، وهي تظن أنها تمحوها،
 وتشهرها وهي تحاول أن تسترها؛ حتى عثر بها من يعرف حقها،
 واهتدى إليها من هو أولى بها، فظهرت على لسانه في أحسن معرض،
واكتست من فضله أزين ملبس؛ فعادت بعد الخمول نابهة،
وبعد الذبول ناضرة، وتمكنت من برِّ والدها فنوَّهت بذكره،
وقدرت على قضاء حقِّ صاحبها، فرفعت من قدره ]

 قال تعالى :

{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }
[ البقرة : 216 ]  .


 وقال ابن المعتز :

[ الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له،
 ويبخل بما لا يملكه، ويطلب ما لا يجده ]  


 وقال ابن حزم :

[ إنَّ ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدة الحسد كلَّ من أحسن إليهم،
 إذا رأوه في أعلى من أحوالهم ] .


 وقال الخطاب بن نمير السعدي :
 
 [ الحاسد مجنون؛ لأنَّه يحسد الحسن والقبيح ]

 

آثار الحسد  

الحسد مذموم مرذول، أجمل الماوردي مذمته في قوله :

 [ ولو لم يكن من ذمِّ الحسد إلا أنَّه خلق دنيء،
 يتوجَّه نحو الأكفاء والأقارب، ويختصُّ بالمخالط والمصاحب،
 لكانت النزاهة عنه كرمًا، والسلامة منه مغنمًا،
 فكيف وهو بالنفس مضرٌّ، وعلى الهمِّ مصرٌّ،
حتى ربما أفضى بصاحبه إلى التلف، من غير نكاية في عدو،
ولا إضرار بمحسود ]

ثم ذكر للحسد مساوئ فقال :

1- حسرات الحسد وسقام الجسد، ثم لا يجد لحسرته انتهاء،
 ولا يؤمل لسقامه شفاء    

 قال ابن المعتز: 

 [ الحسد داء الجسد ].


2- انخفاض المنزلة وانحطاط المرتبة؛
 لانحراف الناس عنه، ونفورهم منه،

وقد قيل في منثور الحكم :

 [ الحسود لا يسود ] .


3- مقت الناس له، حتى لا يجد فيهم محبًّا،
 وعداوتهم له، حتى لا يرى فيهم وليًّا، فيصير بالعداوة مأثورًا،
 وبالمقت مزجورًا.


4- إسخاط الله تعالى في معارضته، واجتناء الأوزار في مخالفته،
 إذ ليس يرى قضاء الله عدلًا، ولا لنعمه من الناس أهلًا  .

وقال الجاحظ : 

[ الحسد -أبقاك الله- داء ينهك الجسد، ويفسد الودَّ، علاجه عسر،
 وصاحبه ضجر، وهو باب غامض، وأمر متعذر، فما ظهر منه فلا يداوى،
وما بطن منه فمداويه في عناء ]

ثم قال : 

 [ ولو لم يدخل- رحمك الله- على الحاسد بعد تراكم الهموم على قلبه،
 واستمكان الحزن في جوفه، وكثرة مضضه  ، ووسواس ضميره،
 وتنغيص عمره، وكدر نفسه، ونكد لذاذة معاشه،
إلا استصغاره لنعمة الله عنده، وسخطه على سيده بما أفاد الله عبده،
 وتمنيه عليه أن يرجع في هبته إياه، وألا يرزق أحدًا سواه،
 لكان عند ذوي العقول مرحومًا، وكان عندهم في القياس مظلومًا ] .


5- يؤدي إلى المقاطعة، والهجر، والبغضاء، والشحناء.


6- يؤدي إلى الغيبة، والنميمة.


7- يؤدي إلى الظلم، والعدوان.


8- يؤدي إلى السرقة، والقتل

 
إلي اللقاء مع الجزء الثالث إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق