المناهي اللفظية (56)
ملخص عن كتاب: المناهي اللفظية **
يقدم هذا الكتاب إجابات على فتاوى وأسئلة عقدية وُجهت للشيخ ابن عثيمين
حول ما نهى الشرع عن التلفظ به، مما يدخل تحت القضايا العقائدية اللفظية.
وفي هذه الفتاوى يصحح الشيخ الأخطاء اللفظية الشائعة على ألسنة الناس
التي تصطدم بالعقيدة، مثل قولهم: (فلان المغفور له) و (فلان الشهيد)،
مستلهمًا الردود والتفسييرات من القرآن الكريم، والسنة النبوية العطرة.
56- سئل فضيلة الشيخ: عن المراد بالروح والنفس؟ والفرق بينهما؟
فأجاب قائلا: الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسا
أو معنى، فالقران يسمى روحا قال الله - تعالى -:
{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا }
[الشورى: 52].
لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان، والروح التي يحيى بها البدن تسمى
روحا قال الله - تعالى -:
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }
[الإسراء: 85].
أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيرًا كما في قوله - تعالى -:
{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا
فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى }
[الزمر: 42] .
وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه، فيقال جاء فلان نفسه، فتكون بمعنى
الذات، فهما يفترقان أحيانا، ويتفقان أحيانا، بحسب السياق.
وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد
تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق، فالقرية مثلا
تطلق أحيانا على نفس المساكن، وتطلق أحيانا على الساكن نفسه
ففي قوله - تعالى - عن الملائمة الذين جاءوا إبراهيم
{ إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ }
[العنكبوت: 31].
المراد بالقرية هنا المساكن، وفي قوله - تعالى -:
{ وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا }
[سورة الإسراء، الآية (58)].
المراد بها المساكن، وفي قوله - تعالى:
{ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا }
[البقرة: 259].
المراد بها المساكن، وفي قوله:
{ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا }
[يوسف: 82].
المراد بها الساكن، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب
ما تضاف إليه، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه
كثير من أهل العلم من أن القران الكريم ليس فيه مجاز، وأن جميع الكلمات
التي في القران كلها حقيقة، لان الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي
صيغة كان، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول إن في القران
مجازا، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه، ومن أبين ما يجعل هذا القول
صوابا أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال:
فلان أسد، صح له نفيه، وهذا لا يمكن أن يكون في القران، فلا يمكن لأحد
أن ينفي شيئا مما ذكره الله - تعالى - في القران الكريم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق