قال الله تعالى :
{ مَّن
يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا
وَ مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ
كِفْلٌ مِّنْهَا و َكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً
}
(
النساء: 85 ) .
فاستعمل سبحانه لفظ ( النصيب ) مع الشفاعة الحسنة ،
واستعمل لفظ ( الكفل ) مع الشفاعة السيئة ، فدل على أن بينهما فرقًا
في المعنى .
و أكثر المفسرين على القول بأن النصيب ، و الكفل
بمعنى واحد ،
و هو الحظ ، أو المِثْل ، إلا أن الثاني أكثر ما
يستعمل في الشر ؛
كاستعماله هنا في الشفاعة السيئة .
و فرَّق بعضهم بينهما بأن النصيب يزيد على المثل ، و
الكفل هو المِثْلُ
المساوي ، فاختار تعالى النصيب مع الشفاعة الحسنة ؛
لأن جزاء الحسنة
يضاعف بعشرة أمثالها ، و اختار الكِفْلَ مع الشفاعة السيئة ؛
لأن من
جاء بالسيئة لا يجزى إلا مثلها .
و هذا القول مبنيٌّ على اعتبار أن
( من ) في قوله تعالى :﴿ مِنْهَا ﴾ ،
في الموضعين ، للسبب ، وعلى اعتبار أن جزاء الشفاعة
الحسنة كجزاء
فعل الحسنة ، و جزاء الشفاعة السيئة كجزاء فعل السيئة
،
قياسًا على قوله تعالى :
{ مَن
جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا
وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ
مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }
(
الأنعام: 160 ) .
وعليه يكون المعنى : من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب
بسببها ،
و من يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل بسببها . أي : يكن
لكل منهما ذلك
بسبب شفاعته .. و هذا خلاف ما نصَّت عليه الآية
الكريمة من المعنى تمامًا ؛
لأن ( من ) في قوله تعالى : ﴿ مِنْهَا ﴾ ، في الموضعين، ليست للسبب
؛
و إنما
هي للتبعيض . و المراد من الآية الكريمة :
أن للشفيع ، الذي يشفع في الحسنة ، نصيبًا من جزاء
المشَفَّع على شفاعته
، وأن للشفيع ، الذي يشفع في السيِّئة كِفْلاً من
جزاء المشَفَّع على شفاعته .
فههنا شَفيعٌ ، و مُشَفَّعٌ ، و مُشَفَّعٌ له ، و
شَفاعَةٌ .
بقلم : محمد إسماعيل عتوك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق