عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ
قَالَ:
( قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ
أَوْصِنِي,
قَالَ:
إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنةً
تَمْحُهَا
قِيلَ:
يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنَ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ
؟
قَالَ: هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ
)
أخرجه أحمد (5/169 ، رقم 21525)
وحسَّنه الألباني في "السلسلة
الصحيحة" (3 / 361).
قال العلامة ابن القيم رحمه
الله:
[ اعْلَمْ أَنَّ أَشِعَّةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
تُبَدِّدُ مِنْ ضَبَابِ الذُّنُوبِ
وَغُيُومِهَا
بِقَدْرِ قُوَّةِ ذَلِكَ
الشُّعَاعِ وَضَعْفِهِ، فَلَهَا نُورٌ، وَتَفَاوُتُ أَهْلِهَا
فِي ذَلِكَ النُّورِ
قُوَّةً، وَضَعْفًا -
لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ
تَعَالَى.
فَمِنَ
النَّاسِ مَنْ نُورُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي قَلْبِهِ
كَالشَّمْسِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهَا فِي قَلْبِهِ كَالْكَوْكَبِ
الدُّرِّيِّ.
وَمِنْهُمْ مَنْ
نُورُهَا فِي قَلْبِهِ كَالْمَشْعَلِ الْعَظِيمِ.
وَآخَرُ كَالسِّرَاجِ الْمُضِيءِ، وَآخَرُ
كَالسِّرَاجِ الضَّعِيفِ.
وَلِهَذَا تَظْهَرُ الْأَنْوَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
بِأَيْمَانِهِمْ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ،
عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ، بِحَسَبِ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ مِنْ نُورِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، عِلْمًا وَعَمَلًا،
وَمَعْرِفَةً وَحَالًا. وَكُلَّمَا عَظُمَ نُورُ
هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَاشْتَدَّ أَحْرَقَ مِنَ الشُّبُهَاتِ
وَالشَّهَوَاتِ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ،
حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا وَصَلَ إِلَى حَالٍ لَا يُصَادِفُ
مَعَهَا شُبْهَةً وَلَا شَهْوَةً، وَلَا ذَنْبًا،
إِلَّا أَحْرَقَهُ،
وَهَذَا حَالُ الصَّادِقِ فِي تَوْحِيدِهِ، الَّذِي
لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا،
فَأَيُّ ذَنْبٍ أَوْ شَهْوَةٍ أَوْ شُبْهَةٍ دَنَتْ
مِنْ هَذَا النُّورِ أَحْرَقَهَا،
فَسَمَاءُ إِيمَانِهِ قَدْ حُرِسَتْ بِالنُّجُومِ
مِنْ كُلِّ سَارِقٍ لِحَسَنَاتِهِ،
فَلَا يَنَالُ مِنْهَا السَّارِقُ إِلَّا عَلَى
غِرَّةٍ وَغَفْلَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا لِلْبَشَرِ،
فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَعَلِمَ مَا سُرِقَ مِنْهُ
اسْتَنْقَذَهُ مِنْ سَارِقِهِ،
أَوْ
حَصَّلَ أَضْعَافَهُ بِكَسْبِهِ، فَهُوَ هَكَذَا أَبَدًا مَعَ
لُصُوصِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ،
لَيْسَ
كَمَنْ فَتَحَ لَهُمْ خِزَانَتَهُ، وَوَلَّى الْبَابَ ظَهْرَهُ
]
مدارج
السالكين (ج1- ص577-581).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق