الاثنين، 5 أبريل 2021

القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (24)

 

القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (24)


دوّن صلاة الجماعة القرآن الأذكار مثلا، كل هذة الأمور لابد أن نفعلها ،
الأصل أن تكون مواظب عليها في هذة الأيام العادية ولكن المراد أن تبالغ
وتضاعف من أعدادها ومن كيفيتها في شهر رمضان

بعض الخياليين يمني نفسه بأماني العزيمة التي لا تعدوا أن يكون سرابا
يحسبه الظمئان ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، فنراه يحلم أحلاما وردية
بأن يجتهد في هذا الشهر إجتهاداً عظيماً ، فإذا هجم الشهر دخل منه
كما خرج ولم يستغل منه شيء

لابد من توطين العزيمة وتوطين الهمة

أنس بن النضر لم يحضر غزوة بدر فجاء للرسول بعدها فقال: يا رسول الله،
غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال
المشركين ليرين الله ما أصنع،

فلما جاء القتال وانهزم وأنكشف كل المسلمين أقبل أنس بن النضر بمفرده
يقود غمار المشركين وينادي على أحد أقرباءه إنها والله الجنة ،
والله إني أجد ريحها دون أحد

فخاض غمار المشركين وقاتلهم حتى قتل ، فجاؤوا يبحثون عن جثته بين
الأشلاء فوجوده مجلجلا ، به بضع وستون ما بين ضربة بسيف أو طعنة
برمح أو رمية بسهم، علمنا ما أضمر الرجل.

بضع وستين رمية وما عرف وجهه وما عرفت جثته إلا بعلامة في بنانه
في إصبعه عرفته بها أخته لم يكن خيالاً، لكن كان يوطن نفسه توطين
عزيمة قوية عالية والحديث الآنف ذكره ..

الأعرابي الذي قال:
ما علَى هذا اتَّبعتُكَ، ولَكِنِّي اتَّبعتُكَ على أن أرمى إلى ههُنا، وأشارَ إلى حَلقِهِ
بسَهْمٍ، فأموتَ فأدخلَ الجنَّةَفقالَ: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقكَ،

فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهَضوا في قتالِ العدوِّ، فأتيَ بِهِ النَّبيُّ يحملُ قَد أصابَهُ سَهْمٌ
حيثُ أشارَما جاوز السهم موضع إشارته
فقالَ النَّبيُّ: أَهوَ هوَ؟
قالوا: نعَم،
♥ قالَ: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ
( الراوي : شداد بن الهاد الليثي| حكم المحدث : صحيح)

هذا الرجل هل هو خيال ؟! حلم ؟
لا بل كان موطن نفسه وعازم عزيمة قوية على أن يفعل أفاعيل للطاعة
للأسف الكثير منا يقوم بالطاعات حتى أصبحت أمور عادية يصلي كأنه
يأكل ويشرب لا يختلف القيام والقعود كثيرا عن التمارين الرياضية التي
يفعلها كل يوم لا يفترق ، طاعاته وعباداته خاليه من أي روح ومن أية ثمرة

مثل هذة الطريقة لا يجوز أبدا أن نستهل بها شهر رمضان بل إن كثيرا منا
أيضا يؤدي الطاعات ولا يحاول أبدا أن يتدارك النقص فيها ولا يحاسب نفسه
على ما أعتور هذة الطاعات من آفات ومن عيوب كثيرة فهو يصليها بطريقة
إعتيادية وما إن فرغ منها لا يلقي بالا إذا كانت هذة الصلاة مقبولة أو غير
مقبولة إذا كان فيها رياء أو لا ، لا يهتم لذلك كثيرا

لا يجوز أن نستقبل شهر رمضان بهذة النفسية أو بهذة الآلية في أداء
الطاعات لابد أن يكون لنا طريقة أخرى هذة الطريقة مبنية على ركنين
ركن سابق للطاعة وركن لاحق

الركن السابق : الإعداد للطاعة
والركن الاحق : المحاسبة على الطاعة

الإعداد للطاعة أن يكون استعدادك وقيامك بهذة الطاعة مسبوق بأشياء
الإنسان إذا إستحضرها وإستعد لها سيكون لها ثمرة أخرى وطعم آخر
كالإنسان الذي يقدم على الإمتحان مع الإستعداد لهذا الإمتحان بأفعال معينة ،
ينام جيدا ويدرس جيدا ويشرب مشروب جيد ، ويتناول وجبة إفطار مناسبة
فيذهب للإمتحان بنشاط وهمة

بخلاف مثلا من يدرس جيدا لكن يذهب للإمتحان بدون أن ينام يدخل الإمتحان
فلا يفعل أي ثمرة فكذلك الإنسان الذي يأتي الطاعات بدون أن يستعد لها ،
تجد أن الطاعات تمر عليه بدون أن يستفيد أي ثمرة مرجوة
فالركن الأول الإستعداد ركن مهم جدا.

لذلك نبهنا سابقاً، أن كثير من الإخوة يصلوا صلاة التراويح ولكن لا يجد لها
ثمرة لماذا ؟! لم يستعد لصلاة التراويح ، كيف ؟!
فقد تناول إفطار دسم ، وملأ بطنه ، فذهب للمسجد فلا يستطيع أبدا
أن يستجمع قواه للخشوع في الصلاة أو قد يذهب للمسجد مع أصدقاءه
وفي الطريق يتبادلون الحديث ويتسامرون ويضحكون
هل هذا حال مؤمنين ؟! هل هذا حال أحد يريد أن يقابل ربه ؟!
بعض دقائق سوف يقف بين يديه؟!
لا يمكن

ليس هذا فقط يذهب الصلاة متأخر فتفوته صلاة العشاء ويعده أمر عادي
يقول : ندخل معهم بنية العشاء هل هذا طريقة أحد يريد أن يتدارك نفسه ؟؟
هذا طريقة شخص مفرّط وزاهد فيما عند الله عز وجل ،،فالإستعداد للطاعة
لابد أن يكون أرقى من ذلك ..

سنذكر نماذج للإستعداد ستجد منها أن الإستعداد للطاعة ركن ركين وشرط
ضروري حتى تستفيد من الطاعة ، وأي تقصير في هذا الإستعداد سيؤثر
في ذات الطاعة

صلاة الجماعة مثلا الإستعداد التام لها من أول الوضوء في البيت
وأنت تتوضأ السرعة في الوضوء ستؤثر في الصلاة ويؤثر في الخشوع
في الصلاة.

✔ لا بل تسبغ الوضوء ، وتحسن الوضوء وتستحضر أن غفران ما تقدم
من ذنبك الذي ورد في حديث عثمان
قال صلى الله عليه وسلم :

( مَن تَوضَّأ للصَّلاةِ ، فأسبغَ الوضوءَ ثمَّ مشَى إلى الصَّلاةِ المكتوبةِ ،
فصلَّاها معَ النَّاسِ ، أو معَ الجماعةِ أو في المسجدِ ، غفرَ اللَّهُ لَه ذنوبَهُ)
(الراوي : عثمان بن عفان | حكم المحدث : صحيح)

وفي روايات أخرى صحيحة : "لا يريد إلا الصلاة
فعدم إحسان الوضوء شرط إنتقص ، إذا لايمكن أن يحصل الخشوع ولا يمكن
أن تحصل المغفرة التامة للذنوب والمعاصي

فتحسن الوضوء وتنوي النية الصالحة في تحصيل الأجر وأنت تأتي
المسجد ما نيتك ؟! على قدر النيات على قدر تضاعف الأجر بل وعلى قدر
زيادة النيات على قدر تذوق حلاوة الطاعة، فقد تكون نيتك ذاهب للصلاة
لتصلي ،وذكر الله ،وبنية الإعتكاف ،وشفاء القلب ومداواته

{ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَر }

فأنا أريد أن تنهاني صلاتي
تذهب بالنية الواردة في الحديث
( مَن توضأَ في بيتِه فأحسنَ الوضوءَ ،
ثُم أتَى المسجدَ فهو زائرُ اللهِ ، و حَقٌ على المَزورِ أنْ يُكرمَ الزائِرَ )
(الراوي : سلمان الفارسي | حكم المحدث : حسن)

تنوي زيارة الله عز وجل في بيته ، أنا ذاهبٌ لزيارة ربي في بيته ، سأقف
بين يدي الله ، سألبي نداء الله. وتنوي النية الصادقة الحسنة في تحصيل
الأجر زيارة الله في بيته وتعظيم أمره ، فتسمع حي على الصلاة فتلبي نداء
الله لبيك، وعجلت إليك رب لترضى، والمسارعة في سماع خطابة
والألتذاذ بمناجاته ولقائه
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله :

( صلاةُ أحدِكم في جماعةٍ ، تزيدُ على صلاتِه في سوقِه وبيتِه بضعًا وعشرين
درجةً ، وذلك بأنه توضَّأ فأحسنَ الوُضوءَ ، ثم أتى المسجدَ لا يريدُ إلا الصلاةَ
، لا ينهزُه إلا الصلاةُ ، لم يخطُ خطوةً إلا رُفِعَ بها درجةً ، أو حُطَّت عنه بها
خطيئةٌ ، والملائكةُ تصلي على أحدِكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه :
اللهمَّ صلِّ عليه ، اللهمَّ ارحمْه ، ما لم يُحدثْ فيه ، ما لم يُؤذِ فيه ،
وقال : أحدُكم في صلاةٍ ما كانت الصلاةُ تحبِسُه )
(الراوي : أبو هريرة |حكم المحدث : صحيح)

فالشرط : نية خالصة للصلاة ليس ذاهب للسوق فوجد المسجد فدخل فُضلة
وقته، هذة النية لا تُحصل هذا الثواب فضائل وأبواب من الخير عظيمة
،ووالله يكفي الخطوات فلو أن بينك وبين المسجد ١٠٠ خطوة

إذاً مئة درجة.. ومئة حسنة .. ومئة خطيئة محيت
فضل عظيم لذلك لابد أن نستحضر هذة النية
ليس هذا فقط

جلس في مصلاه بعد الصلاة ، الملائكة من حوله تحفه تستغفرله
اللهم صل عليه اللهم ارحمه.

في هذا رد على الذين يأتون إلى المسجد والإمام يتأخر في الإقامة، فيتأففوا
ويصيبهم الهم ، لابد أن ينتهز الإنسان مثل هذه المواقف

لذلك الرسول صلى الله عليهم وسلم قال
ألا أدلُكم على ما يمحو اللهُ بهِ الخطايا ويرفعُ بهِ الدرجاتِ ؟
قالوا : بلى . يا رسولَ اللهِ !
قال

( إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ . وكثرةُ الخطا إلى المساجِدِ . وانتظارُ الصلاةِ
بعدَ الصلاةِ . فذلكمْ الرباطُ . وليس في حديثِ شعبةَ ذكر الرباطِ . وفي حديث
مالكٍ ثنتَينِ(( فذلكمُ الرِّباطِ . فذلكمُ الرِّباطِ)
(الراوي : أبو هريرة |حكم المحدث : صحيح)

يمحو الخطايا، تجلس فقط الملائكة تستغفر له وتدعوا لك وتصلي عليك
وأيضا من الإعداد : ترداد الأذكار الشرعية الواردة عند الخروج من البيت
والمشي إلى المسجد فإنها مهمة في حضور القلب..

فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما علمنا أن نقول حين الخروج
من البيت إلى المسجد

" اللهمَّ ! اجعلْ لي في قلبي نورًا ، وفي لساني نورًا ، وفي سمعي نورًا ،
وفي بصري نورًا ، ومن فوقي نورًا ، ومن تحتي نورًا ، وعن يميني نورًا ،
وعن شمالي نورًا ، ومن بين يديَّ نورًا ، ومن خلفي نورًا ،
واجعلْ في نفسي نورًا ، وأَعظِمْ لي نورًا " .
(الراوي : عبدالله بن عباس | حكم المحدث : صحيح)
هذا ما المقصود منه ؟!

المقصود أن يستحضر معاني هذه الألفاظ والكلمات حتى إذا مشى إلى
المسجد يكون فعلا مصحوب بعناية الله عز وجل مصحوب بكلائته وتوفيقه
تبارك وتعالى ثم يمشي إلى المسجد ، ولا يفعل ما يتنافى مع الوقار
والطمأنينة أثناء المشي إلى المسجد : كتشبيك الأصابع
وكثرة التلفت والتطلع إلى المارة وزخارف زهرة الدنيا ، وخاصة
في هذه العصور التي تكثر فيها مثل هذة الأمور
وعدم الإسراع والسعي.
كل هذا جزء هام ممهد للخشوع في الصلاة
لذا قال النبي :

( إذا أُقِيمَت الصلاةُ فلا تأتُوهَا تَسعَوْنَ ، وأتُوهَا تمشُونَ ،
عليكم السَّكينَةُ ، فما أدركْتُمْ فصَلُّوا ، وما فاتَكُم فأتِمُّوا )
صحيح البخاري

يتبع بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق