الأحد، 4 أبريل 2021

القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (22)

 

القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (22)

حال أهل الإيمان
لا يرضون أبدا أن يكونوا عندهم نقص أو عيب ، فيتوبوا منه و يتخلصوا من
آثارة في نفوسهم ،فهم في عزمات ونهضات متوالية حتى يصيبوا مرادهم
هذة العزمات المتوالية يستحثها المؤمن في كل زمان ، فلابد أن يمارسها
الإنسان في كل وقت ..

لكن مواسم الطاعات لها مزيد خاصية خاصية أن فيها معونة من الله
عز وجل للإنسان على الطاعة ، ومعونة له على التوبة والإقلاع عن الذنوب
فقد يكون لديك ذنوب حاولت معها طول السنة لتتخلص منها وما أستطعت
و قد يكون لديك آفات لطالما سارعت إلى تداركها ولكن أعياك السبيل
فواجبك أن تنتهز مواسم الطاعة لتستطيع فيها مع معونة الله عز وجل
ومع الظروف المواتية أن تتخلص من العيوب المستعصية
ومن الأمراض المزمنة

فالأمراض المزمنة لا ينفع فيها المسكنات ، لابد من عملية إستئصال وبعد
العملية لا بد أن يكون هناك فترة نقاهة وفترة النقاهة لابد للإنسان أن يكون
بعيد عن كل أطعمة تضر هذة العملية فيسعى إلى أن يفرغ تماما من هذا
المرض هذة العيوب المزمنة التي ابتليت بها ولا تستطيع أن تعالجها ،
تحتاج إلى أن تستغل شهر رمضان لتعمل على الخلاص منها فقد يتسرطن
عيب (أي يتمكن من قلبك ولا تستطيع الخلاص منه)
وهذا لا يجوز أن نتبرأ منه أو أننا متنزهين عن ذلك

كل واحد منا لديه عيب متسرطن متجذر، يصعب عليه أن يقلع عنه
أو ينخلع منه يحتاج أولا أن يعترف بوجود هذا السرطان هذا الورم الخبيث
الذي يحتاج إلى استئصال تماما قد يتسرطن عيب وقد يتجزر ذنب وقد تتأصل
عادة ، ولا يجدي مع هذا أساليب علاج تقليدية إنما هي عملية
جراحية إستئصالية

وتتطلب هذة العملية لحمية (صوم) وهذا الذي ستمارسه في شهر رمضان
معين على هذة العملية الجراحية ، فالشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم
وبالصوم تقلل قوته ، كل ذلك ظروف موائمه لإستئصاله وتتطلب همة
جحذتها قبيل هذا الزمان المبارك

فما بقي إلا أن تضع مبضع العزيمة الحاد وبجلد وصبر على آلام القطع
تستأصل تلك الأورام الناهشة في نسيج إيمانك وتقواك لا تستعمل أي مخدر
فإن شأن المخدر أن يسافر بك في سمادير (تخاريف) السكارى، وأوهام
الحيارى ، فتفيق بأن الورم لم يستأصل بكاملة بل بقيت منه مضغة متوارية ،
وريثما يتسرطن ثانية مثال صغير ، الذي عنده عادة مستأصلة مثل التدخين
لايستطيع أن يقلع عن التدخين يقول مثلا حين يقلع عن التدخين سوف أقلع
بالتدريج ، هذا هو المخدر الذي لا يمكن أبدا أن يجري به عملية
إستئصالية.. لا يمكن

أوليس من الأولى أن ينزع تماما هذة العادة من جسمه ، لا يحاول أن يخادع
نفسه. كذلك الذي يحاول أن يقلع عن المعاصي والشهوات ، حين يتوب
يتدرج في المعصية مع وجود أختها.. فيقول له الناس: هذا خطأ
فيقول :هكذا أفضل من حالي سابقا ، وأنا أتدرج حتى لا أنتكس !!
هذا هو عين الخداع الذي يخادع به نفسه هو في واقع الأمر لم يستأصل
إنما أخذ قطعة من الورم ، وأبقى البقية الباقية من هذا الورم
والورم إذا بقي منه جزء سيرجع ويتسرطن مرة أخرى ويتجذر ثانيةً.
وهنا لا يجدي معه أي علاج بعد ذلك

فإياك أن تستتخدم المخدر فإذا كنت مدخنا أو مبتلي بالنظر أو الوسوسة
أو العشق. فبادر إلى تقييد كل هذا البلاء وأبدأ العمليات الجراحية
في شهر رمضان ولا تتذّرع بالتدّرج الذي سميناه مخدرا بل أهجر الذنب
وقاطع المعصية وأقتل العادة، ولا تجزع من غزارة النزيف وشدة الآلام فإنه
ثمن العلاج الناجح وضرورة الشفاء البات الذي لا يغادر سقما

فإذًا شهر رمضان فرصة سانحة لعلاج الآفات والمعاصي والعادات
إنه شهر حمية ، امتناع عن الشهوات (طعام وجماع) والشهوات مادة
النشوز والعصيان. وكما أن الشياطين فيه تصفّد وهم أصل كل بلاء يصيب
ابن آدم، (هناك معونة من كل حدب وصوب )

أضف إلى ذلك: جماعية الطاعة حيث لا يبصر الصائم في الغالب إلا أمةً
تصوم وتتسابق إلى الخيرات فتضعف همته في المعصية وتقوى في الطاعة..
(فكل الناس تصوم وكل الناس تطيع الله ،لذلك لا تتعجب أن أهل المعصية
في هذا الشهر يجدون أريحية للطاعة ، فتجد كثير من الناس يصّلون
ويقرأون القرآن مالا يقرأون في غيره ، فالجماعية تشجع على الطاعة
وتساعده على الإقبال على طاعة الله عز وجل دونما كسل أو قعود )

وقبل كل ذلك وبعده لا يجوز أن ننسى ونغفل عن ديوان العتقاء والتائبين
والمقبولين الذي يفتحه الرب جل وعلا في هذا الشهر فهذه العناصر مهمة
تتضافر مع عزيمة النفس الصادقة الصالحة فيتولد سقف صحي وظروف
مناسبة لإستئصال أي عادة لذلك الآفات لا بد أن يكون لها همم عالية لتعالج
في هذا الشهر فإذا لم تتحفز الهمم لعلاج الآفات في هذا الشهر لن تبقى
فرصة لؤلئك السالكين أن يبرأوا.

فمن حرم بركة رمضان ولم يبرأ فيه فأي زمان آخر يستظل ببركته؟!

وفي صحيح ابن خزيمة أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صعِد المِنبَرَ فقال :
( آمينَ آمينَ آمينَ
قيل : يا رسولَ اللهِ إنَّكَ حينَ صعِدْتَ المِنبَرَ قُلْتَ : آمينَ آمينَ آمينَ
قال : ( إنَّ جِبريلَ أتاني فقال : مَن أدرَك شهرَ رمضانَ ولَمْ يُغفَرْ له فدخَل
النَّارَ فأبعَده اللهُ قُلْ : آمينَ فقُلْتُ : آمينَ)
*الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه*

بعد كل هذة الفرص وهذا الخير من رحمات الله وأبواب الجنة المفتحة
وأبواب النار المغلقة ، وسبل الخير ميسرة والطاعات ميسرة في سهولة
ونشاط ويسر ، والله يعين عباده، ويضاعف الحسنات والجزاء والثواب
يحث الناس على الخير ، وترسب ولا تستطيع أن تتوب من ذنبك؟!
فأنى لك النجاة ؟!
وهذا دليل على الخسران المبين

إذا رمضان فرصة عظيمة ، هل هناك فرصة أعظم من أنك مجرد أن تصوم
هذا الشهر إيماناً واحتسابا يغفر لك ما تقدم من ذنبك ؟!
رمضان فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب الآنفة أو الآفات والعيوب التي عندك
فلابد أن تتذكر العيوب والمعاصي التي عندك، متى ستغفر لك ؟!
فرمضان فرصة لِتحاول جاهدا أن تتلمس الأبواب التي فتحت لك

تصوم رمضان إيمانا واحتسابا
تقوم رمضان إيمانا واحتسابا
تختم القرآن
تكثر من الصلاة
تكثر من الذكر
تكثر من الإنفاق
تكثر من صلة الرحم
تكثر من إطعام المساكين
كل سبل الخير تتدارك فيها مخافة من الذنوب والمعاصي

وتذكر يا باغي الخير.. تلك القاعدة العظيمة التي وردت في الحديث
أنَّ رجلًا مِنَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِهِ واتَّبعَهُ،
ثمَّ قالَ: أُهاجرُ معَكَ، فأوصى بِهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعضَ أصحابِهِ،
فلمَّا كانَت غزوةٌ غنمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ سبيًا، فقسمَ وقسمَ لَهُ،
فأعطى ما قسمَ لَهُ، وَكانَ يرعى ظَهْرَهُم، فلمَّا جاءَ دفعوهُ إليهِ،
فقالَ: ما هذا؟ قالوا: قَسمٌ قَسمَهُ لَكَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ،
فأخذَهُ فجاءَ بِهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ،
فقالَ: ما هذا؟
قالَ: قَسمتُهُ لَكَ،
قالَ: ما علَى هذا اتَّبعتُكَ، ولَكِنِّي اتَّبعتُكَ على أن أرمى إلى ههُنا،
وأشارَ إلى حَلقِهِ بسَهْمٍ، فأموتَ فأدخلَ الجنَّةَ
فقالَ: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقكَ

فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهَضوا في قتالِ العدوِّ، فأتيَ بِهِ النَّبيُّ يحملُ قَد أصابَهُ سَهْمٌ
حيثُ أشارَ،
فقالَ النَّبيُّ: أَهوَ هوَ؟
قالوا: نعَم
♥قالَ: صدقَ اللَّهَ فصدقَه
* الراوي : شداد بن الهاد الليثي | المحدث : الألباني |
المصدر : صحيح النسائي خلاصة حكم المحدث : صحيح*

إذاً..
إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقكَ
هذا بالنسبة للجزء المتعلق بإحصاء العيوبك والآفات والإستعداد لتلاشيها
والإقلاع عنها في شهر رمضان
يتبع بإذن الله




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق