الجمعة، 9 أبريل 2021

زمن الفتن

 

زمن الفتن

صورة من داخل صف المؤمنين زمن الفتن:

لا تتصور حين يظهر منك شيء من الضعف - وأنت طريقتك في الحياة مبنية

على الإيمان - أن المؤمنين لايحصل منهم ذلك، ولا تتصور أن الحقائق

لاتغيب عنهم؛ فإن هذا التصور يؤذيك، وهو خلاف الواقع، فإنه يحصل أن

تغيب عن المؤمن الحقائق، فيحل الضعف بغيابها، وكل ما يحتاجه في مثل

هذه المواقف أن يُذكَّر فيتذكر !

إن من لطف الله تعالى بك أن يكون لك صاحبٌ أقوى منك إيمانا؛ فيقويك حين

تغطي غشاوة ما بصر عينيك، أو بصيرة قلبك؛ فتضعف عن متابعة المسير،

وأحيانا يكون صاحبك أقوى منك في بعض الحقائق، وتكون أقوى منه

في بعضها؛ فيقويك كلما لاح له مايؤذيك من نفسك، وتقويه كلما لاح لك

مايؤذيه من نفسه، فأنت اليوم مذكِّر وغدا مذكَّر، و بهذا تعلم أنك لاتستطيع

حتى في إيمانك أن تستقل عن إخوانك المؤمنين!

ولهذا، فإن من أنفع الأمور التي تحرص عليها هو صحبة المؤمنين، وإن من

أنفع الأمور أيضا أن لا تزعج نفسك في زمن الفتنة بصحبة المفتونين أبدا،

فإن من أقل أضرارها أن تشعرك صحبتهم بأن المجتمع قد انهار ، وإن من

سيء أضرارها أن تفقدك صحبتهم جذوة الحماس للإصلاح، لأنك حين تراهم

ستظن أنه لاجدوى من سعيك لإصلاح مثل هؤلاء!

وهذا لا يعني أن لاتخالطهم، بل من أهم الأمور التي تحذرها وقت الفتن

هو تحويل المجتمع إلى طبقات، فتشعر، وتُشعِرهم، أنهم فاسقون؛ فيزداد

تماديهم في غيهم، وتفقد القدرة على نشر الحق بينهم، وأنت لابد لك من نشر

الحق؛ فلا يصح أن تكتفي بكونك صالحا، دون أن تكون مصلحا، وإنما

المقصود هو أن لاتصاحبهم تلك الصحبة التي يكونون فيها مستودعا

لأسرارك في أوقات ضعفك وأزماتك، فيعرفون عنك وتعرف عنهم!

ضْنَّ بمثل هذا على هؤلاء، ولتكن الصحبة القوية فقط للمؤمنين الذين هم

في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر

الجسد بالسهر والحمى ، يقوي قويُّهم ضعيفهم، ويذكر ذاكرُهم ناسيَّهم!

بذلك يشكل المؤمنون بنيانا مرصوصا في وجه الفتنة في زمن الفتنة!

من لقاء مدارسة سورة البقرة



.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق