الخميس، 1 نوفمبر 2012

قالوا عن الرَّحْمَة


قال مصطفى لطفي المنفلوطي :


[ إن الرَّحْمَة كلمة صغيرة .. و لكن بين لفظها و معناها من الفرق مثل ما بين الشمس في منظرها ,

و الشمس في حقيقتها .

لو تراحم النَّاس لما كان بينهم جائع ، و لا مغبون ، و لا مهضوم ، و لأقفرت الجفون من المدامع ،

و لاطمأنت الجنوب في المضاجع .

و لمحت الرَّحْمَة الشقاء من المجتمع كما يمحو لسان الصبح مداد الظلام .

* أيُّها الإنسان ارحم الأرملة التي مات عنها زوجها ، و لم يترك لها غير صبية صغار ، و دموع غزار ،

ارحمها قبل أن ينال اليأس منها ، و يعبث الهم بقلبها فتؤثر الموت على الحياة .

* ارحم الزوجة أم ولدك ، و قعيدة بيتك ، و مرآة نفسك ، و خادمة فراشك ؛ لأنَّها ضعيفة ،

و لأنَّ الله قد وكل أمرها إليك ، و ما كان لك أن تكذب ثقته بك.

* ارحم ولدك و أحسن القيام على جسمه ، و نفسه ،

فإنَّك إلا تفعل قتلته أو أشقيته فكنت أظلم الظالمين .

* ارحم الجاهل لا تتحين فرصة عجزه عن الانتصاف لنفسه ،

فتجمع عليه بين الجهل و الظلم ، و لا تتخذ عقله متجرًا تربح فيه ، ليكون من الخاسرين .

* ارحم الحيوان ، لأنَّه يحس كما تحس ، و يتألم كما تتألم ، و يبكي بغير دموع و يتوجع .

* ارحم الطير لا تحبسها في أقفاصها ، و دعها تهيم في فضائها حيث تشاء ،

و تقع حيث يطيب لها التغريد و التنقير ، إنَّ الله وهبها فضاء لا نهاية له ،

فلا تغتصبها حقها فتضعها في محبس لا يسع مد جناحها ، أطلق سبيلها و أطلق سمعك و بصرك وراءها ،

لتسمع تغريدها فوق الأشجار ، و في الغابات ، و على شواطئ الأنهار ،

و ترى منظرها و هي طائرةً في جو السماء فيخيل إليك أنَّها أجمل من منظر الفلك الدائر و الكوكب السيَّار .

أيها السعداء أحسنوا إلى البائسين و الفقراء ,

و امسحوا دموع الأشقياء

و ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق