أنسى أن
أنوي في معظم أعمالي ، ماذا
أفعل؟
النية أمرها عظيم ، وهي روح الأعمال ، وبها
صلاح الأعمال ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
:
( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ،
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى
)
رواه البخاري
والنية تحِّول المباحات إلى طاعات وقربات ،
فلهذا ينبغي العناية والاهتمام
بها ، وجعلها لله تعالى ،خالصة من شوائب
الرياء والسمعة .
واعلم أن النية نوعان
:
1- نية مفروضة
ولا تصح العبادة إلا بها ، كالنية في الوضوء
والصلاة والزكاة والصوم
والحج ، وهذه النية لا يكاد يغفل عنها أحد ،
فإذا توضأ الإنسان ليصلي
أو ليمس المصحف أو ليكون طاهرا ، فقد أتى
بالنية . فقصد الصلاة ،
أو قصد رفع
الحدث ، هذا هو النية في الوضوء
.
وإذا قام المرء للصلاة ، وهو يعلم أنها صلاة
الظهر مثلا ،
فقصدَ أن يصليها وأقبل عليها ، فقد أتى
بالنية ، ولا يجب – بل ولا يشرع
–
أن يقول بلسانه نويت أن أصلي صلاة الظهر
حاضرة ... إلخ ،
كما يفعله بعض الناس ، فإن هذا لم يرد عن
النبي صلى الله عليه وسلم ،
بل النية
محلها القلب .
وهكذا إذا عزم الإنسان من الليل على أنه
سيصوم غدا ، فقد نوى الصوم ،
بل تناوله طعام السحور ، يدل على قصده الصوم
وإرادته له .
فالنية بهذا المعنى يصعب أن ينساها الإنسان
.
2- والنوع الثاني
:
نية مستحبة ، لتحصيل الأجر والثواب ، وهذه
التي يغفل عنها بعض الناس ،
وهي استحضار النية في المباحات ، لتكون
طاعاتٍ وقربات ،
كأن يأكل
ويشرب وينام بنية التقوي على الطاعة
،
كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
:
( إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي
بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ
عَلَيْهَا
حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ
)
رواه البخاري
وقال معاذ رضي الله عنه
:
( فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي
)
رواه البخاري .
فكان رضي الله عنه يحتسب الأجر في النوم ،
كما يحتسبه في قيام الليل ،
لأنه أراد بالنوم التقوّي على العبادة
والطاعة .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح
:
[ ومعناه أنه يطلب الثواب في الراحة كما
يطلبه في التعب ؛
لأن الراحة
إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصلت الثواب
]
والذي يعين على استحضار هذه النية
:
التأني والتدبر وعدم العجلة ، فيفكر الإنسان
فيما يأتي ويذر ،ويحاسب نفسه
قبل العمل ،
فينظر هل هو حلال أو حرام ،
ثم ينظر في
نيته :
ماذا أراد بذلك ؟ فكلما حاسب نفسه ، وعودها
النظر قبل العمل ،
كلما كان ذلك أدعى لتذكره أمر النية ، حتى
يصير ذلك ملكةً له ،
وعادة يعتادها ، فلا يخرج ولا يدخل ، ولا
يأكل ولايشرب ، ولا يعطي
ولا يمنع ، إلا وله نية في ذلك ، وبهذا تتحول
عامة أوقاته إلى أوقات عبادة
وقربة .
نسأل الله
تعالى أن يوفقنا وإياك لذلك .
والله أعلم
.
الإسلام سؤال
وجواب