كان
عبد الله بن عمر رضى الله عنهما شديد السخاء، يقال: إنه ما مات حتى أعتق
ألف رقبه، وربما تصدق فى المجلس الواحد بثلاثين ألف، وكانت تمضى عليه
الأيام الكثيرة لايذوق فيها لحمًا إلا وعلى يديه يتيم.
قال
علي بن الحسن بن شقيق: "كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع اليه
إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك فيقول هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم
فيجعلها في صندوق ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد،
فلا يزال ينفق عليهم يطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد
بأحسن زي، وأكمل مروءة حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم،
فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول:
كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك
عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم
من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص بيوتهم
وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة كساهم، فإذا أكلوا وسرّوا
دعا بالصندوق ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرّته التي عليها اسمه.
عن
يحيى الوحاظي قال: "ما رأيت رجلًا كان أكبر نفسًا من إسماعيل بن عياش، كنا
إذا أتيناه إلى مزرعته لايرضى لنا إلا بالخروف والخبيص".
وكان
عبد الله بن جعفر من أسخى الناس، يعطى الجزيل الكثير ويستقله، وقد تصدق
مرة بألفى ألف، وأعطى مرة رجلًا ستين ألفًا، ومرة أعطى رجلًا أربعة آلاف
دينار، وقيل: إن رجلًا جلب مرة سكرًا إلى المدينة، فكسد عليه، فلم يشتره
أحد، فأمر ابن جعفر قيّمه أن يشتريه، وأن يهديه للناس.
عن
محمد بن إسحاق قال: "كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان
معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل". وعن
عمرو بن ثابت قال: "لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثرًا مما كان ينقل
الجرب بالليل إلى منازل الأرامل".