الخُلُق المحمود دائمًا ما يكون خُلقًا بين خُلقين
مذمومين، فهو وسط بينهما،
قال ابن القيِّم:
[ وكلُّ خُلُق محمود مُكْتَنف بخُلقين ذميمين. وهو
وسط بينهما.
وطرفاه خُلُقان ذميمان، كالجود: الذي يكتنفه خُلُقان:
البخل والتَّبذير
والتَّواضع الذي يكتنفه خُلُقان: الذُّل والمهَانة،
والكِبْر والعُلُو
فإنَّ النَّفس متى انحرفت عن التَّوسط،
انحرفت إلى أحد الخُلُقين الذَّميمين ولا بدَّ
]
وهكذا هو حال في العِزَّة، فهي خُلُق بين خُلُقين،
أحدهما: الكِبْر،
والآخر: الذُّل والهَوَان، والنَّفس إذا انحرفت عن
خُلُق العِزَّة
التي وهبها الله للمؤمنين- انحرفت إمَّا إلى كِبْرٍ،
وإمَّا إلى ذُّلٍّ.
والعِزَّة المحمودة بينهما
.
وقد ذكر الله العِزَّة في مواطن، فمدحها حينًا،
وذمَّها حينًا آخر،
فمن الأوَّل: قوله تعالى:
{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }
[ المنافقون: 8 ]
وقال
تعالى:
{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا
يَصِفُونَ }
[ الصَّافَّات: 180 ]
ومن
الثَّاني: قوله تعالى:
{ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ }
[ ص: 2 ]
وبيان
ذلك: أنَّ العِزَّة التي هي لله جلَّ وعلا ، ولرسوله صلى الله
عليه وسلم ،
وللمؤمنين -رضوان الله عليهم- هي الدَّائمة الباقية؛
التي هي العِزَّة الحقيقيَّة
والعِزَّة التي هي للكافرين والمخَالفين هي:
التَّعزُّز، وهو في الحقيقة ذُلٌّ .
وعلى ما سبق، يُمْكِننا أن نقسِّم العِزَّة إلى
قسمين: شرعيَّة، وغير شرعيَّة.