رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَات..
دعوة الخليل إبراهيم منذ التاريخ السحيق لأم القرى، وما حولها..
وإن كان الله قد استجاب دعوة نبيَّه، ورزق أهل هذا البلد، وما حوله، من الخيرات والثمرات التى خرجت لهم من تحت الأرض، بعد قرون وقرون من شُح الصحراء على أهله، ما كان يجعل وصول قافلة "المحمل" المصرية عيدًا سنويًا لهم بما تحمله من خيرات وادى النيل الطيب.
فهل استجاب الله دعوة إبراهيم وجعل هذا البلد آمنًا؟ أم أن التاريخ ـ والحاضر ـ لا يؤكدان ذلك.
فإن كان الحجاج بن يوسف ضرب الكعبة قديمًا بالمنجنيق، وبعده بقرون استطاع القرامطة "سرقة" الحجر الأسود والاحتفاظ به بعيدًا عن مُنزله السماوى لعقود طويلة، فإن الحاضر يأتى، ويقترب موسم الحج للعام الهجرى 1435، و"هذا البلد" مهددًا بأوبئة مختلفة، هى ابنة غير شرعية للزمن الحديث، بعد أن ذهب آباؤنا دون أن يسمعوا بها.
ومن ناحية أخرى فـ"هذا البلد" الذى اختصَّه الله بنزول خاتم الرسالات، مهدد بشكل آخر، مباشر وغير مباشر، من تنظيم إرهابى يحمل اسم ـ ويا للسخرية ـ "الدولة الإسلامية".
إيبولا .. كورونا.. وقبلهما أنفلونزا الطيور، أنفلونزا الخنازير .. أمراض وأوبئة عرفت طريقها فى الأشهر والأعوام الأخيرة إلى "هذا البلد"، واستطاعت أن تنال من أهله وضيفه .. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
مؤخرًا استطاع "الوجه الجديد" إيبولا ـ والذى وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه "قاتل"، وأن عدد ضحاياه فى حال تفشيه يصل إلى 90٪ ـ أن يقطع تأشيرته للملكة العربية السعودية، بعد أن تغلب على كل محاولات السلطات لمنعه من الدخول، فقامت بتعليق تأشيرات الحج لدول سيراليون وغينيا وليبيريا، وهى الدول التى كشفت التحريات أنه يحمل جنسيتها، لكنه استطاع التسلل إلى المملكة، ومكث غير بعيد ـ وبغير "كفيل" ـ ينتظر، وعبثًا حاولت السلطات ضبطه و"ترحيله"، إلا أنه نجح فى أن يسقط ضحيته الأولى فى جدة.
ويقترب موسم الحجيج، وتستقبل المملكة مئات الآلاف من كل الدنيا، وينتظر "إيبولا" ـ الذى ظهر منذ سنوات فى غرب أفريقيا لدى بعض الحيوانات البرية، ومنها انتقل إلى الإنسان ـ المدد من فيروساته عبر بعض الحجيج، آملاً أن يتقوى ويتمكن من النيل من آخرين منهم.
وقبلها بشهور، كان ضيف ثقيل آخر قد سبق "إيبولا" فى الوصول للملكة ويستقر بها، و"يكوِّن نفسه"، ويسقط ما يقرب ـ أو ما يتجاوز ـ 300 ضحية، منتظرًا هو الآخر الموسم الأهم، موسم الحج، بعد أسابيع.
والحقيقة أن "كورونا"، أو متلازمة الشرق الأوسط، لم يصل إلى المملكة، فهى موطنه الأصلى، حيث اكتشف بها لأول مرة منذ سنوات قلائل، حتى إن بعض الصحف الأجنبية دلَّلته حينها وأعطته اسم "سارس السعودى"، وكانت "مهارته" فى التنكر سببًا رئيسًا فى قدرته على البقاء والانتشار، حيث تشبه أعراضه كثيرًا أعراض الأنفلونزا, فيشعر المريض بالاحتقان فى الحلق والسعال وارتفاع فى درجة الحرارة وضيق فى التنفس وصداع، بعدها قد يتماثل للشفاء، وقد تتطور الأعراض إلى التهاب حاد فى الرئة أو إلى فشل كلوى، مما قد يؤدى إلى الوفاة.
وبمناسبة الأنفلونزا، فقد سبق "إيبولا" و"كورونا" إلى المملكة نوعان خطيران من "الأنفلونزا"، الطيور والخنازير، واللتان يشتركان مع الضيفين الثقيلين الأولين فى رغبتهما فى قتل من يتمكنوا منه.
وتحاول وزارة الصحة والجهات المختصة إطلاق دورياتها "الأمنية" لضبط وإحضار وحصار هذه الأوبئة، قبل وفود زوار البيت الحرام، فتعلّق تأشيرات الحج لبعض الدول، وتتعاون مع دول أخرى فى تحديد أعمار الحجاج حماية للضعفاء من المسنين والأطفال .. كل ذلك يحدث بينما يقبع على مشارف المملكة، "الدولة الإسلامية" الأولى فى التاريخ، تنظيم إرهابى قاتل، يحمل اسم "الدولة الإسلامية"، أو "داعش"، ذلك الذى يدَّعى أفراده حمل راية الإسلام، لكن يبدو أنهم يعنون إسلامًا آخر غير ذلك الذى نعرفه، غير دين الرحمة والسلام الذى نزل رحمةً العالمين، يعتنقون دينًا عنيفًا قاسيًا، يرفض الآخر، وينشر الكراهية، ويحب الدم والقتل .. وبعد جرائم ومذابح وتخريب اقترفوه فى بلاد الرافدين، ها هم يضعون نصب أعينهم على المملكة، حالمين باختراقها وتفتيتها، تنفيذًا لوصية "إلههم" الحقيقى، الذى سبق وأعلنوا ـ وفى عز قتلهم وذبحهم للمسلمين والمسيحيين ـ أنه لم يأمرهم بقتال اليهود.
وتمضي الأيام ويقترب موسم الحج أكثر وأكثر، ونأمل كثيرًا، ونثق فى الله، فى أن يأتى ويمضى بخير، ويكون ـ بالفعل ـ هذا البلد آمنًا.
محمود سبعاوى
وإن كان الله قد استجاب دعوة نبيَّه، ورزق أهل هذا البلد، وما حوله، من الخيرات والثمرات التى خرجت لهم من تحت الأرض، بعد قرون وقرون من شُح الصحراء على أهله، ما كان يجعل وصول قافلة "المحمل" المصرية عيدًا سنويًا لهم بما تحمله من خيرات وادى النيل الطيب.
فهل استجاب الله دعوة إبراهيم وجعل هذا البلد آمنًا؟ أم أن التاريخ ـ والحاضر ـ لا يؤكدان ذلك.
فإن كان الحجاج بن يوسف ضرب الكعبة قديمًا بالمنجنيق، وبعده بقرون استطاع القرامطة "سرقة" الحجر الأسود والاحتفاظ به بعيدًا عن مُنزله السماوى لعقود طويلة، فإن الحاضر يأتى، ويقترب موسم الحج للعام الهجرى 1435، و"هذا البلد" مهددًا بأوبئة مختلفة، هى ابنة غير شرعية للزمن الحديث، بعد أن ذهب آباؤنا دون أن يسمعوا بها.
ومن ناحية أخرى فـ"هذا البلد" الذى اختصَّه الله بنزول خاتم الرسالات، مهدد بشكل آخر، مباشر وغير مباشر، من تنظيم إرهابى يحمل اسم ـ ويا للسخرية ـ "الدولة الإسلامية".
إيبولا .. كورونا.. وقبلهما أنفلونزا الطيور، أنفلونزا الخنازير .. أمراض وأوبئة عرفت طريقها فى الأشهر والأعوام الأخيرة إلى "هذا البلد"، واستطاعت أن تنال من أهله وضيفه .. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
مؤخرًا استطاع "الوجه الجديد" إيبولا ـ والذى وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه "قاتل"، وأن عدد ضحاياه فى حال تفشيه يصل إلى 90٪ ـ أن يقطع تأشيرته للملكة العربية السعودية، بعد أن تغلب على كل محاولات السلطات لمنعه من الدخول، فقامت بتعليق تأشيرات الحج لدول سيراليون وغينيا وليبيريا، وهى الدول التى كشفت التحريات أنه يحمل جنسيتها، لكنه استطاع التسلل إلى المملكة، ومكث غير بعيد ـ وبغير "كفيل" ـ ينتظر، وعبثًا حاولت السلطات ضبطه و"ترحيله"، إلا أنه نجح فى أن يسقط ضحيته الأولى فى جدة.
ويقترب موسم الحجيج، وتستقبل المملكة مئات الآلاف من كل الدنيا، وينتظر "إيبولا" ـ الذى ظهر منذ سنوات فى غرب أفريقيا لدى بعض الحيوانات البرية، ومنها انتقل إلى الإنسان ـ المدد من فيروساته عبر بعض الحجيج، آملاً أن يتقوى ويتمكن من النيل من آخرين منهم.
وقبلها بشهور، كان ضيف ثقيل آخر قد سبق "إيبولا" فى الوصول للملكة ويستقر بها، و"يكوِّن نفسه"، ويسقط ما يقرب ـ أو ما يتجاوز ـ 300 ضحية، منتظرًا هو الآخر الموسم الأهم، موسم الحج، بعد أسابيع.
والحقيقة أن "كورونا"، أو متلازمة الشرق الأوسط، لم يصل إلى المملكة، فهى موطنه الأصلى، حيث اكتشف بها لأول مرة منذ سنوات قلائل، حتى إن بعض الصحف الأجنبية دلَّلته حينها وأعطته اسم "سارس السعودى"، وكانت "مهارته" فى التنكر سببًا رئيسًا فى قدرته على البقاء والانتشار، حيث تشبه أعراضه كثيرًا أعراض الأنفلونزا, فيشعر المريض بالاحتقان فى الحلق والسعال وارتفاع فى درجة الحرارة وضيق فى التنفس وصداع، بعدها قد يتماثل للشفاء، وقد تتطور الأعراض إلى التهاب حاد فى الرئة أو إلى فشل كلوى، مما قد يؤدى إلى الوفاة.
وبمناسبة الأنفلونزا، فقد سبق "إيبولا" و"كورونا" إلى المملكة نوعان خطيران من "الأنفلونزا"، الطيور والخنازير، واللتان يشتركان مع الضيفين الثقيلين الأولين فى رغبتهما فى قتل من يتمكنوا منه.
وتحاول وزارة الصحة والجهات المختصة إطلاق دورياتها "الأمنية" لضبط وإحضار وحصار هذه الأوبئة، قبل وفود زوار البيت الحرام، فتعلّق تأشيرات الحج لبعض الدول، وتتعاون مع دول أخرى فى تحديد أعمار الحجاج حماية للضعفاء من المسنين والأطفال .. كل ذلك يحدث بينما يقبع على مشارف المملكة، "الدولة الإسلامية" الأولى فى التاريخ، تنظيم إرهابى قاتل، يحمل اسم "الدولة الإسلامية"، أو "داعش"، ذلك الذى يدَّعى أفراده حمل راية الإسلام، لكن يبدو أنهم يعنون إسلامًا آخر غير ذلك الذى نعرفه، غير دين الرحمة والسلام الذى نزل رحمةً العالمين، يعتنقون دينًا عنيفًا قاسيًا، يرفض الآخر، وينشر الكراهية، ويحب الدم والقتل .. وبعد جرائم ومذابح وتخريب اقترفوه فى بلاد الرافدين، ها هم يضعون نصب أعينهم على المملكة، حالمين باختراقها وتفتيتها، تنفيذًا لوصية "إلههم" الحقيقى، الذى سبق وأعلنوا ـ وفى عز قتلهم وذبحهم للمسلمين والمسيحيين ـ أنه لم يأمرهم بقتال اليهود.
وتمضي الأيام ويقترب موسم الحج أكثر وأكثر، ونأمل كثيرًا، ونثق فى الله، فى أن يأتى ويمضى بخير، ويكون ـ بالفعل ـ هذا البلد آمنًا.
محمود سبعاوى