كان النَّبي صلى الله عليه وسلم رفيقًا هيِّنًا
ليِّنًا سهلًا، في تعامله،
وفي أقواله وأفعاله، وكان يحب الرِّفق، ويحث النَّاس
على الرِّفق،
ويرغِّبهم فيه،
فعن
عبادة بن شرحبيل قال:
( أصابنا عام مخمصة، فأتيت المدينة، فأتيت حائطًا من
حيطانها،
فأخذت سنبلًا ففركته فأكلته، وجعلته في كسائي، فجاء
صاحب الحائط،
فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النَّبي صلى الله عليه وسلم،
فأخبرته،
فقال للرجل: ما أطعمته إذ كان جائعًا، أو ساغبًا، ولا
علمته إذ كان جاهلًا،
فأمره النَّبي صلى الله عليه وسلم، فردَّ إليه
ثوبه،
وأمر
له بوسق من طعام، أو نصف وسق )
- وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا بقومه رغم أذيتهم له،
فعن عروة أنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النَّبي صلى
الله عليه وسلم :
حدثته أنَّها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم :
( هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟
قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيت
منهم يوم العقبة،
إذ عرضت نفسي على ابن عبد يَالِيلَ بن عبد
كُلال،
فلم
يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على
وجهي
فلم
أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد
أظلتني،
فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال:
إنَّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك،
وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم،
فناداني ملك الجبال فسلَّم علي،
ثُمَّ قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن
أُطبق عليهم الأخشبين ؟
فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:
بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده
لا يشرك به شيئًا )
- وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا في تعليمه للجاهل،
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
( بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم
إذ جاء أعرابي فقام يبول في
المسجد،
فقال
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ .
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا
تُـزْرموه دعوه،
فتركوه حتى بال، ثُمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه
وسلم دعاه،
فقال له: إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول
ولا القذر،
إنَّما
هي لذكر الله عزَّ وجلَّ والصلاة وقراءة
القرآن،
أو كما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنَّه
عليه )
- وعن معاوية بن الحكم السلمي قال:
( بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم
إذ عطس
رجل من القوم،
فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم،
فقلت: واثُكْلَ أُمِّيَاه، ما شأنكم تنظرون إلي؟
فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم،
فلمَّا رأيتهم يُصمِّتونني لكني سكت،
فلما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو
وأمي،
ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فو
الله ما كهرني ،
ولا ضربني، ولا شتمني.
قال: إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام
النَّاس،
إنَّما
هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )
- كما أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُبيِّن للناس
الأمور بالرِّفق،
ومن ذلك الشاب الذي طلب منه أن يأذن له بالزنى، فعن
أبي أمامة قال :
( إن فتى شابًّا أتى النَّبي صلى الله عليه
وسلم
فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه
فزجروه،
وقالوا: مه مه،
فقال: ادْنُه، فدنا منه قريبًا،
قال: فجلس،
قال:
أتحبُّه لأمِّك؟
قال: لا والله جعلني الله فداءك،
قال: ولا النَّاس يحبونه لأمهاتهم،
قال: أفتحبه لابنتك؟
قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك،
قال: ولا النَّاس يحبونه
لبناتهم،
قال:
أفتحبه لأختك؟
قال: لا والله جعلني الله فداءك،
قال: ولا النَّاس يحبونه لأخواتهم؟
قال: أفتحبه لعمتك؟
قال: لا والله جعلني الله فداءك،
قال: ولا النَّاس يحبونه لعماتهم،
قال: أفتحبه لخالتك؟
قال: لا والله جعلني الله فداءك،
قال: ولا النَّاس يحبونه لخالاتهم،
قال: فوضع يده عليه،
وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن
فرجه،
فلم
يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء )
- وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا بنسائه، فعن أنس :
( أن النَّبي صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه،
وسَوَّاق يسُوقُ بهنَّ يُقال له: أَنْجَشَة،
وكان يَحْدُو للإبل ببعض الشعر حتى تسرع على
حِدَائه،
فقال له النبي: ويحك يا أَنْجَشَة، رُوَيدًا سَوْقَك
القوارير )
-
كما أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يرفق بأبناء
المسلمين،
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما
قال:
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني
على فخذه،
ويقعد الحسن على فخذه الآخر، ثم يضمهما،
ثم يقول: اللهم ارحمهما، فإنِّي أرحمهما
)