الأحد، 21 أبريل 2013

لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد

 
إن كان التأجيل في بعض الأمور مقبولًا
 فإنه في كثير من أمور حياتنا شيء مرفوض
 
كتب: شريف أبو فرحة
 
"لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد"..
 كم سمعنا تلك الجملة مرارًا وتكرارًا من كثيرين كانوا يرتدون ثوب
الحكمة والنصيحة ،
وكم كنّا نعتبرها مقياسًا للنجاح والتفوق ؛
فذلك الذي يؤدي عمل اليوم في يومه هو بالتأكيد من الناجحين الفالحين..
فهل كنا مصيبين في ذلك؟

لعلي لا أخطئ حين أقول إننا لم نُصِب كثيرًا في تلك الجملة ،
 ولم يُصِب فيها أولئك الناصحون الذين أكثروا من ترديدها على آذاننا حتى  
 صارت من معالم المرحلة الدراسية المبكرة لمعظمنا
إن لم يكن كلنا ،
تمامًا كساندويتشات المدرسة ، وروائحها المختلطة بروائح الفصل المتعددة  
 من طباشير أو أقلام وجلد جديد في الحقائب والأحذية..

نعم أخطأنا في هذه الجملة كثيرًا ؛ فليس من الحكمة أن نكتفي بعمل
اليوم في يومنا ؛ بل نحن مطالبون باستشراف المستقبل ،
 وأن نؤدي اليوم عمل اليوم والغد ؛ فكل الدنيا تتحرك حولنا سريعًا ،
وحياة الإنسان لا تعرف الثبات أبدًا ؛ فهو إما أن يتقدم وإما أن يتأخر ،
وقد يكون تأخره بتقدم الآخرين عليه ، وليس بتراجعه هو فقط .

كم مرة أجّلنا أمورًا هامة في حياتنا دون مبرر؟
أو حتى بمبرر غير حقيقي وغير فعّال ؟

كم مرة استمتعنا بالتردد في اتخاذ القرارات ،
 وفضّلنا أن نؤجل البتّ فيها ؛ لأننا لا نستطيع مواجهة النتائج ،
وافترضنا أن الزمان كفيل بحل كثير من المشكلات؟

التأجيل مرض يصاب به ضعاف النفوس ، وضعاف الهمم ؛
 فهو نوع رئيسي من أنواع الهروب من المواجهة ،
وعجز عن مواجهة الأحداث وإنجاز المهام ..

فهل حدث أن سأل أحدنا نفسه :
 لماذا أؤجل عملًا ؟
لماذا أؤجل موقفًا يجب أن أتخذه ؟
 لماذا لا أنجز الآن ما يجب من أعمال ؟
 لماذا لا أستشرف المستقبل وأُنجز ما يؤمّنه بأفضل صورة ممكنة ؟

كثيرون منّا يؤجلون على اعتقاد أن الظروف ستتغير ،
وأن الأمور ستتحول إلى الأفضل مع مرور الأيام ،
وقد يكون هذا شيئًا حادثًا ؛ نعم قد تتغير الأمور إلى الأفضل ،
وقد يكون الوقت فيما بعد ملائمًا أكثر لأداء كثير من الأعمال ؛
لكن هل نعتمد في حياتنا على هذه الفكرة غير المؤكدة ؟

فإن كان التأجيل في بعض الأمور مقبولًا ؛ فإنه في كثير من أمور
حياتنا شيء مرفوض ؛ فهو غالبًا ما يؤدي للخسائر ،
ولا تُرجى منه فائدة .

إن كنت تبتعد عن الله وتأمل في أن تجد الوقت الكافي في شيخوختك
لذلك  فأحذرك !!

قد لا تجد الوقت لذلك ؛ فابدأ الآن وقل:
 
{ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }

إن كنت تؤجل وضع خطة واضحة لحياتك ؛ آملًا في أن تستمتع بها
قليلًا قبل أن تبدأ في الجد والاجتهاد ؛ فأنصحك بأن الاجتهاد والجد
 لا يتعارضان مع الاستمتاع بالحياة ؛ فلتضع خطتك لحياتك من الآن ،
ولتضع فيها مساحة الاستمتاع المناسبة ، واعلم أنك بعد فترة ستجد
كل المتعة في الارتقاء بحياتك ، وستجد كل المتعة في الاجتهاد والجد .

إن كنت تؤجل مذاكرتك آملًا في أن تجد الوقت المناسب قبل الامتحان ؛  
 فأنبهك !!
 قد لا تجد هذا الوقت ،
وإن وجدته فلِمَ لا تبدأ مبكرًا فتكون أقدَر وأفضل ،  
وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
 
( سَدِّدوا وقارِبوا واعلموا أنه لن يُدخِلَ أحدَكم عملُه الجنَّةَ  
 وأنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإن قَلَّ )

فلا تؤجل أبدًا تحصيلًا علميًّا ؛ حتى وإن كان هناك وقت آخر يمكن
 أن تبدأ فيه ، ابدأ ما دمت تستطيع ذلك .

إن كنت تؤجل إصلاح شيء ما آملًا في أن يحتمل فترة أطول من الزمن  
 قبل أن ينهار ؛ فأقول لك : قديمًا قالوا :

" الوقاية خير من العلاج "
 وترك الإصلاح قد يؤدي إلى مفاسد أكثر وضرر أكبر ،

تحتاج إلى مجهود مضاعف لإصلاحه ؛

فلا تؤجل عملًا ، ولا تؤجل إصلاحًا أبدًا .

إن كنت تؤجل اهتمامك بصحتك وممارسة الرياضة آملًا في أن تجمع 
  قليلًا أو كثيرًا من المال ،وتتحجج بانشغالك وضيق وقتك ؛
فأصيح بصوت عالٍ لتسمعني :
 ربما تجمع المال حقًّا ؛ لكنك قد تنفقه في علاج ما أفسدته بإهمالك ؛
 فصحتك أهم كثيرًا مما قد تجمعه ..

ابدأ أيها الأب في تربية أبنائك من الآن مهما كانت أعمارهم ،
ولا تظنّ أبدًا أنهم صغار لا ينتفعون بالتوجيه ،
وتذكر أن علماء النفس قالوا :
أخبرونا كيف كان أطفالكم في السنوات السبع الأولى
نقول لكم كيف سيكونون في حياتهم .

ابدئي أيتها الزوجة في إقامة الجسور والعلاقات مع زوجك ،
ولا تنشغلي بأي شيء في حياتك ؛
فكل ثانية تمرّ عليك دون إصلاح ما بينك وبين زوجك 
  هي صخرة في جدار البعد وهدم المنزل .

ابدأ أيها الشاب في الحياة الجادة النافعة ، واعلم أن استمتاعك بشبابك
لا يتأثر بالجد ؛ فبعد سنوات قليلة ستفاجأ بأنه لا وقت لديك ،
وأنك أصبحت مطالبًا بأشياء كثيرة في حياتك .

ابدؤوا جميعًا في تنظيم حياتكم ، ابدؤوا في تنفيذ أحلامكم ،
 لا تؤجلوا أبدًا ؛ فلن يتغير شيء حولنا إلا إذا غيّرناه بأيدينا ،
وكلما مرّ الوقت قلّ مجهودنا وزادت الصعوبات حولنا .

فهل نفهم قوله تعالى:
 
 { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }؟!

نعم هي كلمة وموقف وقرار سأتخذهم الآن ..

كلمتي :
لا للتأجيل أبـــــــــــــــــــدًا..

وموقفي :
 أنجز ما عليّ ؛
بل أستشرف المستقبل وأمهد له ..

وقراري:
 سأبدأ الآن دون تردد أو تخوف أو تأجيل ..
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق