جاءت الأحاديث النبوية متضافرة في الحث على الصدق،
والأمر به، وأنَّه وسيلة إلى الجنة.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
:
عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
( إنَّ الصدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى
الجنة،
وإنَّ الرجل ليصدق حتى يكون صِدِّيقًا،
وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى
النار،
وإنَّ الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّابًا
)
قال
النووي في شرحه لهذا الحديث:
[ قال العلماء: هذا فيه حث على تحرِّي الصدق، وهو
قصده والاعتناء به،
وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه؛ فإنَّه إذا
تساهل فيه كثر منه،
فعرف به، وكتبه الله لمبالغته صِدِّيقًا إن اعتاده،
أو كذَّابًا إن اعتاده.
ومعنى يكتب هنا يحكم له بذلك، ويستحق الوصف بمنزلة
الصديقين وثوابهم،
أو صفة الكذابين وعقابهم، والمراد إظهار ذلك
للمخلوقين،
إما بأن يكتبه في ذلك؛ ليشتهر بحظِّه من الصفتين في
الملأ الأعلى،
وإما بأن يلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم،
وكما يوضع له القبول والبغضاء،
وإلا فقدر الله تعالى وكتابه السابق بكلِّ ذلك
]
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
:
أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( أربع إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك في الدنيا: حفظ
أمانة،
وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة
)
وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه
:
أنَّ
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم
الجنة:
اصدقوا إذا حدَّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا
ائتمنتم،
واحفظوا فروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم
)
أي:
( اضمنوا لي ستًّا ) من الخصال،
( من أنفسكم ) بأن تداوموا على فعلها،
( أضمن لكم الجنة ) أي دخولها،
( اصدقوا إذا حدثتم ) أي: لا تكذبوا في شيء من
حديثكم،
إلا إن ترجح على الكذب مصلحة أرجح من مصلحة
الصدق،
في أمر مخصوص، كحفظ معصوم
.
وعن أبي محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله
عنهما، قال:
حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك؛ فإنَّ الصدق
طمأنينة، والكذب ريبة )
أي: اترك ما تشكُّ في كونه حسنًا أو قبيحًا، أو
حلالًا أو حرامًا
( إلى
ما لا يريبك ) أي: واعدل إلى ما لا شك فيه يعني ما تيقنت
حسنه وحِلَّه،
( فإنَّ الصدق طمأنينة ) أي: يطمئن إليه القلب ويسكن،
وفيه إضمار أي محلُّ طمأنينة أو سبب طمأنينة،
( وإنَّ الكذب ريبة ) أي: يقلق القلب ويضطرب،
وقال الطِّيبي :
[ جاء هذا القول ممهدًا لما تقدمه من الكلام،
ومعناه: إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء
فاتركه؛
فإنَّ نفس المؤمن تطمئنُّ إلى الصدق وترتاب من الكذب،
فارتيابك من الشيء منبئ عن كونه مظنَّة للباطل
فاحذره،
وطمأنينتك للشيء مشعر بحقيقته فتمسك به، والصدق
والكذب يستعملان
في المقال والأفعال وما يحقُّ أو يبطل من الاعتقاد،
وهذا مخصوص بذوي النفوس الشريفة القدسية المطهرة عن
دنس الذنوب،
ووسخ العيوب ]
وعن أبي سفيان في حديثه الطويل في قصة هرقل عظيم
الروم قال هرقل:
فماذا يأمركم –يعني النبي صلى الله عليه وسلم– قال
أبو سفيان قلت: يقول :
[ اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما
يقول آباؤكم،
ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والصدقة، والعفاف، والصلة
]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق