الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

عشر مزايا إذا وافق الوقوف بعرفة يوم جمعة

 عشر مزايا إذا وافق الوقوف بعرفة يوم جمعة /
 ابن_القيم :

بيَّن الإمام ابن القيِّم رحمه الله عشر مزايا
للوقوف في يوم عرفة إذا وافق يوم جمعةٍ. 
 قال رحمه الله في زاد المعاد (1/60-64):
 "الصَّواب أنَّ يوم الجمعة أفضل أيَّام الأسبوع،  ويوم عرفة ويوم النَّحر
أفضل أيَّام العام، وكذلك ليلة القدْر وليلة الجمعة. ولهذا كان لوقفة الجمعة
يوم عرفة مزيَّة على سائر الأيام من وجوه متعددة:

 أحدها:
 اجتماع اليومين اللذين هما أفضل الأيام.

الثاني:
أنَّه اليوم الذي فيه ساعة محقَّقة الإجابة،  وأكثر الأقوال أنَّها آخر
 ساعةٍ بعد العصر وأهل الموقف كلُهم إذ ذاك واقفون للدُعاء والتضرُع.

 الثالث:
موافقته ليوم وقفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

الرابع:
 أنَّ فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة،
 ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة يوم عرفة بعرفة،  فيحصل من اجتماع
المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدُّعاء والتضرُّع ما لا يحصل
 في يومٍ سواه.

الخامس:
أنَّ يوم الجمعة يوم عيدٍ، ويوم عرفة يوم عيد لأهل عرفة، ولذلك كره
لمن بعرفة صومه وفي النسائي

 عن أبي هريرة قال
نهى رسول الله  عن صوم يوم عرفة بعرفة  وفي إسناده نظر؛

 فإنَّ مهدي بن حرب العبدي ليس بمعروف، ومداره عليه. ولكن ثبت
في الصَّحيح من حديث أم الفضل:

( أنَّ ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله ،
 فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائمٍ،
 فأرسلت إليه بقدح لبنٍ،  وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه )

والمقصود أنه إذا اتفق يوم عرفة ويوم جمعة فقد اتَّفق عيدان معًا.

   اﻟﺴﺎﺩﺱ:
 ﺃﻧﻪ ﻣﻮاﻓﻖ ﻟﻴﻮﻡ ﺇﻛﻤﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺩﻳﻨﻪ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻭﺇﺗﻤﺎﻡ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ،
ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ " ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ "
 ﻋﻦ ﻃﺎﺭﻕ ﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ ﻗﺎﻝ:

 ( «ﺟﺎء ﻳﻬﻮﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ
 ﺁﻳﺔﺗﻘﺮءﻭﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻜﻢ ﻟﻮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻧﺰﻟﺖ ﻭﻧﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ
اﻟﻴﻮﻡ اﻟﺬﻱ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻴﻪ ﻻﺗﺨﺬﻧﺎﻩ ﻋﻴﺪا، ﻗﺎﻝ: ﺃﻱ ﺁﻳﺔ؟ ﻗﺎﻝ:

 { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا }

ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ: ﺇﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ اﻟﻴﻮﻡ اﻟﺬﻱ ﻧﺰﻟﺖﻓﻴﻪ، ﻭاﻟﻤﻜﺎﻥ
اﻟﺬﻱ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻴﻪ، ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻌﺮﻓﺔ
ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ، ﻭﻧﺤﻦ ﻭاﻗﻔﻮﻥ ﻣﻌﻪ ﺑﻌﺮﻓﺔ )

 السَّابع:
أنه موافق ليوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة؛
فإنَّ القيامة تقوم يوم الجمعة
كما قال النبيُّ :

 ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم،
وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة،
 وفيه ساعةٌ لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلاَّ أعطاه إياه )

… فهكذا يتذكر الإنسان بأعظم مواقف الدنيا  
وهو يوم عرفة الموقف الأعظم بين يدي الربِّ سبحانه في هذا اليوم بعينه
ولا يتنصَّف حتى يستقرَّ أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم.

الثامن:
أنَّ الطاعة الواقعة من المسلمين يوم الجمعة وليلة الجمعة أكثر منها
 في سائر الأيام، حتى إنَّ أكثر أهل الفجور يحترمون يوم الجمعة وليلته،
ويرون أنَّ من تجرَّأ فيه على معاصي الله عز وجل عجل الله عقوبته
 ولم يمهله، وهذا أمر قد استقرَّ عندهم، وعلموه بالتجارب،  وذلك لعظم
اليوم وشرفه عند الله واختيار الله سبحانه له من بين سائر الأيام،
 ولا ريب أنَّ للوقفة فيه مزيَّةٌ على غيره.

التَّاسع:
أنَّه موافقٌ ليوم المزيد في الجنَّة، وهو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة
 في وادٍ أفيحٍ، وينصب لهم منابر من لؤلؤٍ، ومنابر من ذهبٍ، ومنابر
من زبرجدٍ وياقوتٍ، على كثبان المسك، فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى،
ويتجلَّى لهم فيرونه عيانًا، ويكون أسرعهم موافاة أعجلهم رواحًا
إلى المسجد،  وأقربهم منه أقربهم من الإمام فأهل الجنة مشتاقون إلى
 يوم المزيد فيها لما ينالون فيه من الكرامة وهو يوم جمعة فإذا وافق
 يوم عرفة كان له زيادة مزيَّةٍ واختصاصٍ وفضلٍ ليس لغيره.

العاشر:
 أنه يدنو الرَّبُّ تبارك وتعالى عشيَّة يوم عرفة من أهل الموقف،
 ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول:

( ما أراد هؤلاء! أشهدكم أني قد غفرت لهم )

وتحصل مع دنوِّه منهم تبارك وتعالى ساعة الإجابة التي لا يرد فيها سائلا
يسأل خيرا، فيقربون منه بدعائه والتضرُّع إليه في تلك الساعة، ويقرب
منهم تعالى نوعين من القرب.

 أحدهما:
قرب الإجابة المحققة في تلك الساعة.

 والثاني:
 قربه الخاص من أهل عرفة ومباهاته بهم ملائكته، فتستشعر قلوب
 أهل الإيمان هذه الأمور، فتزداد قوَّةً إلى قوَّتها وفرحًا وسرورًا وابتهاجًا
ورجاءًا لفضل ربها وكرمه.  فبهذه الوجوه وغيرها فُضِّلَت وقفة يوم
الجمعة على غيرها.

وأمَّا ما استفاض على ألسنة العوام بأنَّها تعدل ثنتين
وسبعين حجَّة فباطلٌ، لا أصل له عن رسول الله ،
ولا عن أحد من الصَّحابة والتابعين، والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق