كثيرًا ما يشدد خبراء العلاقات الزوجية على أهمية الصراحة بين
الزوجين، مؤكدين على أنها طوق النجاة لحياة زوجية بعيداً عن الشكوك،
كما إتفق العلماء على أن مصارحة كل طرف للطرف الآخر بكل ما يضايقه
منه هو الطريقة الوحيدة لحياة صحية ونفسية سليمة وأقل توتراً،
ولكن هل هناك حدود لهذه الصراحة بين الزوجين أم أن هذه المصارحة
المطلقة أساس لعلاقة زوجية سعيدة وسوية؟.
صــراحة ذكـية:
في البداية تقول شيرين بكر: إن الصراحة بين الزوجين لا تعني أن تحكي
المرأة بغباء، أو يسرد الرجل كل ماضيه بطريقة قد تفتح عليه أبواباً
هو في غنى عنها، لكنها في الوقت نفسه تقول: إنّ الصراحة مطلوبة بين
الزوجين فيما يتعلق بحياتهما المشتركة معاً، فهناك صراحة تقرب بين
الأزواج وتجعل العلاقة بينهم تصل إلى مرحلة الصداقة.
وتؤيدها في الرأي ندي إبراهيم: إنه ليس من الواجب على الزوجة أن
تخبر زوجها بكل شي في حياتها، ويجب أن يحترم كل شخص خصوصية
الطرف الآخر، فقد تقول الزوجة أشياء صغيرة، ويصنع منها الزوج
مشاكل وخلافات، فمن المفترض أن يكون لكل فرد داخل الأسرة
خصوصياته.
وترى سمر فراج: أنه يجوز للمرأة إخفاء بعض الأمورعن زوجها، كأن
يكون فيها عيب قد لا يلاحظه الزوج وتستطيع إخفاءه، حتى لا يؤدي ذلك
إلى نفور الزوج منها، وهناك أمور يحق لها أن تخفيها كالأعمال الصالحة
من صدقة وغيره، أو أمور الحياة الإعتيادية التي لا يلقي الزوج لها بالاً،
أو فيما يتعلق بماضي الزوجة الذي لا علاقة له بحياتها مع زوجها، كما
يحق لها أن تخفي عنه معصية بينها وبين الله فعلتها وندمت عليها
فلا داعي لذكرها فقد تثبت في ذهن الزوج.
طبيعة الــزوج:
وترجع غادة محمد الأمر إلي طبيعة الزوج فتقول: إن الأمر يختلف من
زوج لآخر وفقاً لصفاته الشخصية، فمنهم من يريد أن تكون زوجته أمامه
كتاباً مفتوحاً يعرف كل حرف فيه، ومنهم لا يحب أن يعرف إلا ما هو
ضروري ولا يهتم بالتفاصيل، مكتفياً بمعرفة الأساسيات التي يكون له
الدور الأكبر فيها فقط.
وعلى الجانب الآخر يقول سعيد محمود: إن مضمون الصراحة بين
الزوجين يختلف عن الثرثرة، فكما أن هناك أشياء يجب ألا نحجبها فهناك
أشياء يجب ألا تقال، لأنّها تجرح، موضحاً أن هناك أشياء إذا قيلت تضر
بالعلاقة أكثر مما تنفعها، لذا على الإنسان أن يكون حذراً وأن ينتبه
لكلامه، فالرزانة مطلوبة.
مساحة من الخصوصية:
ومن جهته يقول أسامة عبد الرحيم: إنه من حق كل طرف أن يكون له
بعض الخصوصيات فيما يتعلق بأهل كل طرف وأن يقدر كل طرف هذه
الخصوصية، مشيراً إلى أن حفظ السر من الأمور الهامة والضرورية
في الحياة، لافتاً إلى أن عدم تقبل كل طرف لخصوصية الطرف الآخر
يخلق الكثير من المشاكل.
وبدوره ينصح الدكتور عبد الرحمن القراش -إستشاري أسري- الأزواج
بالإتفاق من بداية الزواج على إيجاد مساحة من الحرية الشخصية، بحيث
لا تؤثر على العلاقة بينهما، ومن سمات تلك الحرية عدم الحديث
عن الخصوصيات التي من حق كل طرف الاحتفاظ بها.
ويضيف الدكتور عبد الرحمن القراش: على المرأة تقدير كل الأمور
بميزان العقل بحكم معرفتها بزوجها، فليس كل شيء تعرفه الزوجة يجب
عليها أن تتفوه به للزوج، وليس من حق الزوج إجبارها على الحديث
عن كل شيء من خصوصياتها أو خصوصيات أهلها أو النساء اللواتي
تعرفهن أو ما يدور في مجالسهن، لأنّ ذلك من قلة المروءة.
حدود الصـــراحة:
وتؤكد خولة أحمد أخصائية الأمراض النفسية على ضرورة إحترام كل
طرف لشخصية الثاني ولطبيعته النفسية وشخصيته المختلفة، فالزوج
عادة ما يكون قليل الكلام وكتوماً وهذا يضايق الزوجة وتراه من جانبها
إهمالاً أو تجاهلاً، بينما الزوجة كثيرة الكلام والتفاعل وهذا ما يفسره
العديد من الأزواج على أنه إنفعال وثرثرة، وهو ما قد يخلق بينهما الصدامات.
وتنصح الدكتورة خولة كل زوج وزوجة بإمتلاك مقياس يمكن تقدير مثل
هذه الأمور من خلال مثل، ماذا يقول؟ ومتى وكيف؟ على سبيل المثال،
فإنّ الحديث بصراحة مطلقة عن علاقتهما بأصدقائهما أو أسرتيهما
من الأمور الخاطئة، فالأهل والأصدقاء لهم أسرارهم الخاصة التي يجب
الحرص عليها وعدم إفشائها، كما أنّ الإعلان عنها لن يفيد أي طرف،
على العكس قد يسبب بعض الضرر، هناك أيضاً علاقات الطرفين السابقة
للزواج من الممكن الحديث عنها بشكل عابر، لكن من دون الدخول
في التفاصيل.
فيجب أن تكون هناك حدود للصراحة وإلا تحولت إلى نقمة تدمر العلاقة
الزوجية، وخصوصاً إذا كان الزوجان ليسا على درجة كافية
من التفهم والوعي والثقة المتبادلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق