من أحرمت ثم أتاها الحيض
السؤال:
تقول: في سنة ماضية أحرمت بالحج مفردة، ثم جاءتني العادة الشهرية
ووصلت إلى مكة، وبقيت بها ولم أطف، ويقال: إن تحية المسجد هو الطواف
بالبيت، ومعلوم لدينا أن جميع الحرم يعتبر من المسجد، فهل علي شيء
في ذلك أم لا؟
الجواب:
إذا أحرمت المرأة بالحج أو بالعمرة ثم نزل بها الحيض -عادة النساء- فإنها
تبقى على إحرامها، يعني لا تطوف ولا تطيب، ولا تأخذ شعراً ولا ظفراً، هذا
معنى بقى على إحرامها، يعني تبقى لها حكم الإحرام، لكن لا بأس أن تغير
ثيابها، الثياب لا بأس تغير ثيابها، تغير سراويلها تغير ملابسها الأخرى
لا بأس، حتى ولو كان ما حاضت تغيير الثياب لا بأس به؛ لأن بعض الناس
قد يظن أن القول بأنها تبقى على إحرامها معناه أنها ما تغير الثياب، ويظن
أن المراد بالإحرام الثياب لا، المراد أنها تبقى على حكم الإحرام، يعني بحيث
لا تغطي وجهها بالنقاب، لا تلبس القفازين، لا تطيب، لا تقلم أظفارها، لا تحل
لزوجها، هذا معنى بقائها على الإحرام، أما الملابس فلا بأس أن تغير
الملابس، والمسجد الحرام لا تدخله، اللهم إلا مارة لحاجة تمر من باب
إلى باب لحاجة مع التحفظ لا بأس، ولكن لا تجلس فيه ولا تطوف حتى
تطهر، فإذا طهرت اغتسلت الغسل الشرعي وتوضأت الوضوء الشرعي،
ثم تأتي فتطوف وتسعى لحجها إن كان في الحج، وإن كان لعمرة تطوف
وتسعى لعمرتها وتقصر وتتم عمرتها هذا إن كان عمرة، وإن كان حج تبقى
حتى تطهر، فإن طهرت قبل الحج يوم الثامن وإلا السابع وإلا السادس من
ذي الحجة أو قبل ذلك، إذا طهرت تذهب إلى البيت وتطوف وتسعى وتقصر
.... العمرة، هذا هو الأفضل أن تجعل العمرة بدل الحج، ثم تحرم بالحج يوم
الثامن مع الناس فتكون متمتعة كما أمر النبي أصحابه بذلك عليه الصلاة والسلام،
وإن كانت لم تطهر إلا في عرفات أو في يوم العيد فإنها إذا طهرت تغتسل
وتنوي طهارتها ثم تطوف وتسعى لحجها، أما الرمي والحلق والتقصير
ونحوه هذا لا بأس وإن كانت حائضة تفعل كل شيء إلا الطواف، وقد وقع
هذا لـعائشة رضي الله عنها لما وصلت إلى مكة لما دنت من مكة نزل بها
الحيض، وكانت قد أحرمت بالعمرة، فقال لها النبي ﷺ:
( دعي العمرة وأحرمي بالحج )
لأنه جاء الحج وهي على حيضها، فلبت بالحج مع عمرتها، فلما جاء يوم
النحر واغتسلت طافت وسعت لحجها وعمرتها جميعاً، ورمت الجمرة
وقصرت من رأسها وتم حلها، ثم طلبت من النبي عمرة أخرى فأمرها عليه
الصلاة والسلام من التنعيم من الجعرانة .... من التنعيم ... مسجد عائشة
المعروف، يعني أمرها من التنعيم عمرة جديدة مفردة مستحبة غير واجبة،
وإلا فعمرتها الأولى مع حجها كافيان، فالتي دخلت مكة مثلاً في وقتنا هذا
للعمرة في رمضان أو في غيره وحاضت في الطريق أو بعد وصولها مكة قبل
أن تطوف تبقى على إحرامها، تبقى يعني في حكم الإحرام، لا تطيب لا تقلم
أظفارها، لا تقص شعراً، لا يأتيها زوجها حتى تطهر، فإذا طهرت اغتسلت
وتوضأت الوضوء الشرعي وطافت وسعت وقصرت وحلت لعمرتها، هذا
هو المشروع وهذا هو الواجب عليها، أما الملابس فلها تغير ملابس،
الملابس لا بأس كونها تغير إزار إلى إزار، سراويل إلى سراويل، قميص
إلى قميص ما في بأس، تغير ما شاءت من الملابس، أو دسوس الشراب في
رجليها تغير ما شاءت لا بأس، فلا ينبغي أن يظن إذا قيل تبقى على إحرامها
أن المقصود الثياب لا، ليس المقصود الثياب، المقصود الأحكام، أما الملابس
فللرجل أن يغير وللمرأة أن تغير ملابس، كل واحد له أن يغير حتى ولو كانت
غير حائض، ولو كانت طاهرة، لما وصلت مكة وأرادت أن تغير لا بأس أن
تغير ملابسها وهي محرمة لا بأس أو الرجل لما وصل أراد أن يغير الفوطة
اللي عليه بفوطة أخرى، أو أصابها شيء من شاهي أو قهوة، أو أصابها
شيء فحب أن يغيرها فلا بأس، المقصود له أن يغير مطلقاً ولو ما أصابها
شيء، والمرأة لها تغير ملابسها ولو ما أصابها شيء، هذا ما له تعلق
بالإحرام لا بأس، إنما المقصود إذا قيل: أن الرجل يبقى على إحرامه، أو قيل:
إن المرأة تبقى على إحرامها فالمعنى في حكم الإحرام، يعني يبقى كل منهما
في حكم الإحرام ليس له أن يخالف حكم الإحرام لا بقص أظفار، ولا بقص
شعر، ولا بطيب، ولا بتغطية رأس الرجل، أو لبس المخيط، ولا أن تلبس
النقاب المرأة على وجهها، أو تلبس قفازين في يديها، كل هذا باقي حتى تحل
من إحرامها هذا المراد، فينبغي أن يعلم، وأرجو من المستمعات أن يبلغن
هذا لغيرهن، وهكذا المستمعون أرجو أن يبلغوا هذا؛ لأن هذا يشكل على كثير
من الناس، إذا قيل: يبقى على إحرامه ما هو معناه الملابس المعنى الأحكام،
أما الملابس فللرجل أن يغير والمرأة لها أن تغير ملابسها ولو كانت لم تطف
ولم تسع، وهكذا الرجل قبل أن يطوف ويسعى له أن يغير ملابسه، فالمراد
بقول العلماء يبقى على إحرامه وتبقى على إحرامها مرادهم بهذا أن الأحكام
تبقى، يعني لا يتطيب المحرم، لا يقص أظفاره، لا يقلم شعره، لا يحل له أن
يأتي زوجته، لا يحل لها أن تمكن زوجها منها وهي محرمة حتى تطهر من
حيضها أو نفاسها ثم تطوف وتسعى، هذا المعنى،
نسأل الله للجميع التوفيق. نعم.
المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق