تحدي المصاعب
تحدي المصاعب والانتصار على الأزمات
قيد أبو وردي بسبب روايته الحديث ، وصدعه بكلمة الحق ، لكنه صبر
واحتسب في ذات الله عز وجل ، وعد ذلك مكسباً عظيماً فقال :
انكر لي خصمي ولم يدر أنني
أعز ,احدث الزمان تهون
فبات يريني الخصم كيف أعتداؤه
وبت أريه الصبر كيف يكون!
تلوت هذين البيتين على فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ،
فصحح لي مساراً في البيتين ، حيث قال الشاعر في الأصل :
(( تنكر لي دهري))، وصدق ابن عثيمن وأنا معه، وأنسخ من الآن
البيتين وأرد كلمة (دهري) ، وأقول : تنكر لي خصمي، فرحم الله
ابن عثيمين ، ورحم الله المظفر الأبي وردي الشاعر الكبير.
وابن رشيد الأندلسي وعظ النصاري في الأندلس فقيدوه ،
ولطومه وجلدوه ، وحبسوه، فقال:
إن كان عندك يا زمان بقية
مما يهان بها الكرام فهاتها
يقول : بقي القتل ، تعال بالقتل ، حي الله القتل في سبيل الله !..
أم السؤال الذي يوجه لأصحاب السمو والمعالي من أهل الهمم العالية من
العباد والزهاد وأهل الجهاد فهذا هو : قيل لابن عباس : كيف حصلت على
هذا العلم ؟ قال : بتوشد ردائي في القيلولة ، والريح تسف على وجهي
من الرمل ومن وهج الصحراء ثلاثين سنة! وقالوا لعطاء : كيف حصلت
على هذا العلم؟ قال: بتوسد فراشي في المسجد الحرام ثلاثين سنة !..
ثلاثون سنة لا يعرف بيته طلباً للعلم، أما طلبة العلم في هذا الزمان ـ
إلا من رحم ربك ـ فإن أحدهم يدخل الى الجامعة أربع سنوات فأكثر ،
ثم يخرج وهو جاهل، ثم يري أنه إمام الدنيا وحافظ العصر ، وخاتمة
المجددين النبي صلي الله عليه وسلم يقول أخدهم في دخول للكلية:
ودخلت فيها جاهلاً متواضعاً
وخرجت منها جاهلاً دكتورا !
يقول : كنت قبل دخول الكلية جاهلاً لكني متواضع ؛ اسلم على رأس أبي،
وأقبل كف أمي، وأجلس مع زملائي، فلما درست وتعلمت لسنوات خرجت
فلا تواضع ولا احترام ولا أدب !..، وهذه صورة قبيحة لطالب العلم.
وقيل للشعبي: بم حصلت على هذا العلم؟ قال: بسهر طير النوم
من عيني، وبسهاد، وبتبكير كتبكير الغراب.
نعم إن العظمة جهاد وسهاد وجلاد، ودموع واشلاء، قال المتنبي
وهو على دنيا رخيصة ، ليس على تكبيرة إحرام ولا على عبادة:
أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر
وحيداً وما قولي كذا ومعي الصبر!
وأشجع مني كل يوم سلامتي
وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر
تمرست بالآفات حتى تركتها
تقول أمات الموت أم ذعر الذعر
وأقدمت إقدام الآتي كان لي
سوس مهجتي أو كان لي عندها وتر
الى أن يقول :
وتركك في الدنيا دوياً كأنما
تداول سمع المرء أنملة العشر
لكن الموحدين لهم نظام في الأمنية غير نظام المتنبي وأبي مسلم
الخرساني والحججاج، أمنيتهم أن يموتوا على لا إله إلا الله،
ولو كانوا غرباء وحيدين معزولين، كما في دفتري الزبيري :
خذوا كل دنياكموا واتركوا
فوادي حراً طليقاً غريبا
فإنـي أعظمكـم ثـروة
وإن خلتموني وحيداً سليبا
ويقول المتنبي :
لا يدرك المجد إلا سيد فطن
لما يشق على السادات فعال
لولا المشقة ساد الناس كلهمو
الجود يفقر والأقدام قتـــال
إن طريق السمو(مشقة) ؛ فأول السمو عندنا يبدأ بصلاة الفجر ، ومن
لا يحضر صلاة الفجر فليس من أهل السمو ولا المعالي ولا السعادة،
ولو زفت له الدنيا، وصفقت له البنود، وهتفت له الجنود ، وارتفعت
عليه العلام ، وسددت أمامه السهام أبداً .. أبداً !!
لأن انطلاقتتنا الكبري من صلاة الفجر، من تكبيرة الإحرام النبي
صلي الله عليه وسلم من حديث جندب بن عبد الله البجلي في مسلم:
(( من صلي الفجر فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم من ذمته بشئ ،
فإنه من طلبه أدركه كبة على وجهه في النار)).،
ومن المحراب ننطلق إلي المعالي ، ومن لا يصلي الفجر والفروض
الأخري جماعة ـ بلا عذر شرعي ـ فلا تظنه من أهل السعادة والسمو .
الجمعة، 5 مارس 2021
تحدي المصاعب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق