صناعة الإسمنت 2
صناعة الإسمنت والانبعاثات
وطبقا لمعهد الأبحاث والدراسات "تشاتام هاوس" (Think tank Chatham house)
تتسبب صناعة الإسمنت في نحو 8% من الانبعاث الكربوني حول العالم، مما يتخطى
ضعف الانبعاثات الناتجة عن أنشطة الطيران والشحن، وهو يعد ثاني أكثر
المواد استخداما في العالم بعد الماء.
ADVERTISING
ويبلغ الإنتاج العالمي السنوي نحو 4 مليارات طن إسمنت، لإقامة المشروعات
المختلفة. وتعتبر الصين الأكثر تصنيعا للإسمنت، وما زالت عملية تصنيعه في
زيادة مستمرة، خاصة الدول النامية، مثل بلدان جنوب شرق آسيا، وبعض دول
الشرق الأوسط.
ويقول تقرير نشرته منصة "بي بي سي" (BBC) الإخبارية إن إنتاج الإسمنت عبر
العالم تضاعف نحو 4 مرات مقارنة بالعام 1990، وإن الصين والهند والولايات
المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي وفيتنام وتركيا ومصر هي أكثر الدول إنتاجا
للإسمنت.
لماذا يصدر الإسمنت كل تلك الانبعاثات؟
وتعتمد صناعة الإسمنت على خطوات بسيطة، تتضمن خلط الحجر الجيري والطين
وطحنهما، ثم إضافة بعض المواد لهذا الخليط مثل الحديد، ومن ثَم وضع المزيج
داخل أفران ذات درجة حرارة تقارب 1400 درجة مئوية لإنتاج مادة "كلنكر" وبعد
تبريدها تطحن وتخلط بالجبس والحجر الجيري.
وخلال هذه العملية يصدر الكربون مرتين، الأولى خلال تسخين الخليط داخل
الأفران اعتمادا على الوقود الأحفوري للوصول إلى درجة الحرارة المرتفعة
تلك، والثانية أثناء تكون "كلنكر" إذ يتم ذلك عبر تفاعل كيميائي ينتج عنه
غاز ثاني أكسيد الكربون.
وتقدر كمية الغاز الناتجة عن كلتا المرحلتين بنحو 600 كيلوغرام لكل طن من
الإسمنت، وهي كمية كبيرة تعيق المجهودات المبذولة لتجنب عدم زيادة متوسط
حرارة الكوكب.
انبعاثات الكربون تصدر مرتين خلال عملية تصنيع الإسمنت (شترستوك)
وقد أوصت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (Intergovernmental
panel on climate change – IPCC) بضرورة خفض الانبعاثات الكربونية كي لا
تتخطى درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية، مما يعني ضرورة خفض تلك الانبعاثات
بنسبة 45% مطلع عام 2030 مقارنة بكمية الانبعاثات الصادرة عام 2010.
محاولات متعددة على نطاق محدود
واستجابة لدعوات خفض الانبعاثات الناتجة عن الإسمنت، ظهرت محاولات ومبادرات
مختلفة لحل المشكلة، منها شركة "بيوماسون" "BioMason" الأميركية التي تهدف
إلى تصنيع الكتل الخرسانية عبر وضع الرمال في قوالب، ومن ثم حقنها بكائنات
دقيقة دون الحاجة إلى التسخين باستخدام الوقود الأحفوري، وهي عملية مشابهة
لعمليات تكون الشعاب المرجانية.
وفي السويد أجرت شركة فاتنفال "Vattenfal" دراسة أشارت إلى إمكانية تصنيع
الإسمنت اعتمادا على الكهرباء بدلا من الوقود الأحفوري، وفي فرنسا استطاعت
إحدى الشركات الاستفادة من الكربون المنبعث عبر التقاطه (Carbon capture).
وفي حديث خاص للجزيرة نت عبر الإيميل، أشار بول فينيل -الأستاذ بقسم
الكيمياء الهندسية بجامعة إمبريال كوليدج لندن الإنجليزية- إلى أهمية
الاعتماد على تطبيق تقنيات التقاط الكربون وتخزينه (Carbon capture and
storage) من أجل الحد من الانبعاثات الناتجة عن صناعة الإسمنت، مؤكدا أنه
"لا يوجد بديل حقيقي آخر نظرا للطريقة المتبعة في صناعة الإسمنت".
تقنيات التقاط الكربون وتخزينه السبيل الوحيد للحد من انبعاثات صناعة الإسمنت (شترستوك)
الحل الأمثل لإسمنت صديق للبيئة
وفي دراسة منشورة بدورية جول "Joule" بعنوان "إزالة الكربون من صناعة
الإسمنت" يشير البروفيسور فينيل وفريقه البحثي إلى أهمية تشييد مصانع
الإسمنت المدعومة بتقنيات التقاط الكربون وتخزينه، والاعتماد على استخدام
النفايات الصلبة البلدية التي تنتج انبعاثات كربونية أقل.
وبسؤاله عما إذا كان يتم تطبيق تلك التقنيات الوقت الحالي، أجاب بأن
"العديد من مصانع الإسمنت تعتمد حاليا على إحراق النفايات الصلبة، وتطبق
بعض الشركات تقنية التقاط الكربون، مثل شركتي "كالكس" (Calix) و"نورتسم"
(Norcem).
وعن إمكانية تطبيق تلك التقنيات بالدول النامية، يقول "بالتأكيد، إلا أن
الاعتماد على تلك التقنيات قد يرفع من سعر الإسمنت بعض الشيء".
الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022
صناعة الإسمنت 2
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق