تقوى الله
خَيرُ النَّاسِ مَن تواضَعَ عن رِفعةٍ، وعفَا عن قُدرة، وأنصَفَ مِن قُوة، وزَهِدَ عن غِنًى.
عرَفَ حقَّه فلم يطلُب أكثَرَ مِنه، وعرَفَ ما عليه فلم يُقصِّر فيه،
يُحبُّ لأخِيهِ ما يُحبُّ لنفسِه، إذا غابَ غائِبٌ تفقَّدَه، وإذا مرِضَ مريضٌ عادَه،
وإذا احتَاجَ مُحتاجٌ ساعَدَه.
دينُه النَّصِيحة، وخُلُقُه الأمرُ بالمعروف، والنَّهيُ عن المُنكَر، يعلَمُ أن العُمر قصير،
والباقِيَ مِنه يسير، لا يُضيعُ نَفِيسَ عُمره بغَير عملٍ، ولا يُذهِبُ أيَّامَه مِن غَير عِوَض،
{ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }
[ التكاثر: 3- 8 ].
أيها المسلمون:
المرءُ بحُسن عملِه لا بطُول عُمره، ولقد عوَّضَ اللهُ أمةَ الإسلام
عن قِصَر أعمارِها بركَةَ أعمالِها، ومواسِمَ خيراتٍ مِن نفَحَاتِ دَهرِها،
في نفَحَاتٍ ومُناسبَاتٍ لا تتناهَى.
يخرُجُ المُؤمنُ مِن عبادةٍ ليستَقبِلَ أُخرى، ومَن لا يُطيقُ عبادةً يَنتَقِلُ إلى غيرها،
{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا }
[ البقرة: 148 ].
والمُؤمنُ كيِّسٌ فَطِنٌ، يعلَمُ أن أنفاسَهُ معدُودة، وأيَّامَه محدُودة،
والحياةَ فُرَص فمَن أحسَنَ اغتِنامَها فازَ وسعَد، ومَن ضيَّعَ وفرَّط فلا يلُومنَّ إلا نفسَه.
وفي الحديث:
( اغتَنِم خَمسًا قبلَ خَمسٍ: شَبابَك قبلَ هَرَمِك، وصِحَّتَك قبلَ سَقَمِك،
وغِناكَ قبلَ فَقرِك، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِك، وحياتَك قبلَ مَوتِك )
أخرجه الحاكم، وقال: "صحيحٌ على شرط الشيخَين".
معاشِرَ المسلمين:
المُسابقةُ إلى الخيرات خُلُقٌ عظيمٌ، ومسلَكٌ كريمٌ لا يتَّصِفُ به إلا الجادُّون المُشمِّرون،
والمُسارعةُ إلى أعمالِ البِرِّ طبعٌ لا يتخلَّقُ به ولا يُهدَى إليه إلا مَن وهَبَه الله علُوَّ همَّة،
وقُوَّةَ عزيمَة، مع سلامةِ قلبٍ، ورَجاحَةِ عقلٍ، وانشِراحِ صَدرٍ.
أيها الإخوة:
المُسارعةُ والمُنافسةُ إقدامٌ، ومُبادرةٌ، وسَبقٌ، وخِفَّةٌ، وجِدٌّ، ورَغبةٌ،
ومَن بادَرَ في طلبِ شيءٍ سَهُلَ عليه تحصِيلُه.
المُسارعةُ والتنافُسُ مُجاهدةُ النَّفس للتشبُّه بالأفاضِل، واللُّحُوق بالأخيار،
مِن غير إدخالِ ضررٍ على أحدٍ، أو النَّيلِ مِن حقِّ أحدٍ.
واعلَمُوا - رحِمَكم الله - أن الأمرَ بالاستِباقِ إلى الخيراتِ قَدرٌ زائِدٌ على الأمرِ
بفعلِ الخيرات؛ فإن الاستِباقَ إلى الخَيراتِ يستَدعِي فِعلَها وتكمِيلَها على أكملِ الهيئاتِ
والأحوالِ، مع المُبادرةِ في ذلك والمُسارَعة.
معاشِرَ الأحِبَّة:
ومما يُعينُ على التنافُس في الصالِحات، والمُسارَعة إلى الخَيرات:
معرفةُ قَدر الدنيا بالنسبةِ للآخرة.
حتى قال بعضُ السلَف:
"لو كانت الدُّنيا من ذهبٍ يَفنَى، والآخرةُ مِن خَزَفٍ يَبقَى،
لكان المُتعيِّنُ على العاقِل أن يُؤثِرَ الخَزَفَ الذي يَبقَى على الذَّهَب الذي يَفنَى،
فكيف والآخرةُ هي الذَّهبُ الذي يَبقَى، وهي خيرٌ وأَبقَى ".
ومما يُعينُ كذلك - أيها الإخوة -: صُحبةُ الأخيار، وعَدمُ التوسُّع في المُباحات،
والحَزمُ والعَزمُ، وأخذُ الكتاب بقُوَّة، والإكثارُ مِن العباداتِ وقتَ الفراغِ.
وإذا كان التأنِّي والتمهُّلُ مطلُوبًا في أمورِ الدنيا،
فإن أعمالَ الآخرة مطلُوبٌ فيها المُسارَعةُ والمُبادرةُ والمُسابقةُ،
قال - عزَّ شأنُه -:
{ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }
[ طه: 84 ].
وقد ورَدَ في الأثر:
" التُّؤدَةُ في كلِّ شيءٍ إلا في عملِ الآخرة ".
ويقولُ الإمامُ أحمد - رحمه الله -:
" كلُّ شيءٍ مِن الخير يُبادَرُ إليه ".
معاشِرَ الأحِبَّة :
وأمامَكم شهرٌ كريمٌ، مَيدانٌ للمُسابقات والمُنافسات،
مَن تقرَّبَ فيه بنافِلة كان كمَن أدَّى فريضةً فيمَا سِواه،
ومَن فطَّر فيه صائِمًا كان له مثلُ أجره ولو فطَّرَه على تَمرةٍ أو مَذقةِ لَبَنٍ.
فيه ليلةٌ خيرٌ مِن ألف شَهر، مَن قامَها إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه،
ومَن صامَ شهرَ رمضان وقامَه إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه.
وكان نبيُّكُم محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - أجوَدَ النَّاس،
وكان أجوَدَ ما يكونُ في رمضان، والجُودُ ليس مقصُورًا على بَذل المال،
بل جُودٌ في كل أعمالِ الخير والبِرِّ والطاعاتِ والقُرُبات.
والخَيراتُ لا تُحصَرُ أنواعُها، ولا تُحدُّ أبوابُها؛ مِن صلواتٍ، وزكَواتٍ، وصدَقاتٍ،
وصِيامٍ، وقراءةِ قُرآن، واعتِكافٍ،
وتفقُّد ذَوِي الحاجاتِ والأرامِل والمساكِين وذوِي القُربَى ممَّن لا يسأَلُون النَّاسَ إلحافًا.
ولا تنسَوا زِيارةَ المريض، والإحسانَ إلى الجار، وطلَبَ العلمِ، والدعوةَ إلى الله،
وإغاثَةَ الملهُوف، وإنصافَ المظلُوم، وكفَّ الظالِم، ورِعايةَ الأولاد والأُسَر،
وإعمارَ المساجِد، والقِيامَ بالمسؤوليات، وأداءَ الواجِبات، وكلَّ قولٍ حسنٍ وفِعلٍ حسنٍ.
ثم تأمَّلُوا - حفِظَكُم الله - صِفاتِ المُسارِعين والسَّابِقين، يقولُ - عزَّ شأنُه -:
{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ
وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ }
[ المؤمنون: 57- 61 ]
ويقولُ - عزَّ شأنُه -:
{ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ
وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ
وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }
[ آل عمران: 113- 115 ].
وقد سألَت عائشةُ - رضي الله عنها - رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم
عن هؤلاء الذين يُؤتُون ما آتَوا وقلوبُهم وَجِلَة،
"هل هُمُ الذين يسرِقُون ويَزنُون ويشرَبُون الخَمرَ، وهم يخافُون الله؟!"،
فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يا ابنَةَ الصِّدِّيق، ولكنَّه الذي يُصلِّي ويصُومُ ويتصدَّقُ، وهو ويخافُ اللهَ )
لماذا - يا عباد الله -، لماذا كان هذا الجوابُ؟!
لأن في النُّفوسِ مَن هي عامِلةٌ ناصِبة، تَصلَى نارًا حامِية،
وفِيهم مَن عملُه كسَرابٍ بقِيعةٍ، أو كرَامدٍ اشتَدَّت به الرِّيحُ في يَومٍ عاصِفٍ.
نعُوذُ بالله من الخُذلان.
خَيرُ النَّاسِ مَن تواضَعَ عن رِفعةٍ، وعفَا عن قُدرة، وأنصَفَ مِن قُوة، وزَهِدَ عن غِنًى.
عرَفَ حقَّه فلم يطلُب أكثَرَ مِنه، وعرَفَ ما عليه فلم يُقصِّر فيه،
يُحبُّ لأخِيهِ ما يُحبُّ لنفسِه، إذا غابَ غائِبٌ تفقَّدَه، وإذا مرِضَ مريضٌ عادَه،
وإذا احتَاجَ مُحتاجٌ ساعَدَه.
دينُه النَّصِيحة، وخُلُقُه الأمرُ بالمعروف، والنَّهيُ عن المُنكَر، يعلَمُ أن العُمر قصير،
والباقِيَ مِنه يسير، لا يُضيعُ نَفِيسَ عُمره بغَير عملٍ، ولا يُذهِبُ أيَّامَه مِن غَير عِوَض،
{ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }
[ التكاثر: 3- 8 ].
أيها المسلمون:
المرءُ بحُسن عملِه لا بطُول عُمره، ولقد عوَّضَ اللهُ أمةَ الإسلام
عن قِصَر أعمارِها بركَةَ أعمالِها، ومواسِمَ خيراتٍ مِن نفَحَاتِ دَهرِها،
في نفَحَاتٍ ومُناسبَاتٍ لا تتناهَى.
يخرُجُ المُؤمنُ مِن عبادةٍ ليستَقبِلَ أُخرى، ومَن لا يُطيقُ عبادةً يَنتَقِلُ إلى غيرها،
{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا }
[ البقرة: 148 ].
والمُؤمنُ كيِّسٌ فَطِنٌ، يعلَمُ أن أنفاسَهُ معدُودة، وأيَّامَه محدُودة،
والحياةَ فُرَص فمَن أحسَنَ اغتِنامَها فازَ وسعَد، ومَن ضيَّعَ وفرَّط فلا يلُومنَّ إلا نفسَه.
وفي الحديث:
( اغتَنِم خَمسًا قبلَ خَمسٍ: شَبابَك قبلَ هَرَمِك، وصِحَّتَك قبلَ سَقَمِك،
وغِناكَ قبلَ فَقرِك، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِك، وحياتَك قبلَ مَوتِك )
أخرجه الحاكم، وقال: "صحيحٌ على شرط الشيخَين".
معاشِرَ المسلمين:
المُسابقةُ إلى الخيرات خُلُقٌ عظيمٌ، ومسلَكٌ كريمٌ لا يتَّصِفُ به إلا الجادُّون المُشمِّرون،
والمُسارعةُ إلى أعمالِ البِرِّ طبعٌ لا يتخلَّقُ به ولا يُهدَى إليه إلا مَن وهَبَه الله علُوَّ همَّة،
وقُوَّةَ عزيمَة، مع سلامةِ قلبٍ، ورَجاحَةِ عقلٍ، وانشِراحِ صَدرٍ.
أيها الإخوة:
المُسارعةُ والمُنافسةُ إقدامٌ، ومُبادرةٌ، وسَبقٌ، وخِفَّةٌ، وجِدٌّ، ورَغبةٌ،
ومَن بادَرَ في طلبِ شيءٍ سَهُلَ عليه تحصِيلُه.
المُسارعةُ والتنافُسُ مُجاهدةُ النَّفس للتشبُّه بالأفاضِل، واللُّحُوق بالأخيار،
مِن غير إدخالِ ضررٍ على أحدٍ، أو النَّيلِ مِن حقِّ أحدٍ.
واعلَمُوا - رحِمَكم الله - أن الأمرَ بالاستِباقِ إلى الخيراتِ قَدرٌ زائِدٌ على الأمرِ
بفعلِ الخيرات؛ فإن الاستِباقَ إلى الخَيراتِ يستَدعِي فِعلَها وتكمِيلَها على أكملِ الهيئاتِ
والأحوالِ، مع المُبادرةِ في ذلك والمُسارَعة.
معاشِرَ الأحِبَّة:
ومما يُعينُ على التنافُس في الصالِحات، والمُسارَعة إلى الخَيرات:
معرفةُ قَدر الدنيا بالنسبةِ للآخرة.
حتى قال بعضُ السلَف:
"لو كانت الدُّنيا من ذهبٍ يَفنَى، والآخرةُ مِن خَزَفٍ يَبقَى،
لكان المُتعيِّنُ على العاقِل أن يُؤثِرَ الخَزَفَ الذي يَبقَى على الذَّهَب الذي يَفنَى،
فكيف والآخرةُ هي الذَّهبُ الذي يَبقَى، وهي خيرٌ وأَبقَى ".
ومما يُعينُ كذلك - أيها الإخوة -: صُحبةُ الأخيار، وعَدمُ التوسُّع في المُباحات،
والحَزمُ والعَزمُ، وأخذُ الكتاب بقُوَّة، والإكثارُ مِن العباداتِ وقتَ الفراغِ.
وإذا كان التأنِّي والتمهُّلُ مطلُوبًا في أمورِ الدنيا،
فإن أعمالَ الآخرة مطلُوبٌ فيها المُسارَعةُ والمُبادرةُ والمُسابقةُ،
قال - عزَّ شأنُه -:
{ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }
[ طه: 84 ].
وقد ورَدَ في الأثر:
" التُّؤدَةُ في كلِّ شيءٍ إلا في عملِ الآخرة ".
ويقولُ الإمامُ أحمد - رحمه الله -:
" كلُّ شيءٍ مِن الخير يُبادَرُ إليه ".
معاشِرَ الأحِبَّة :
وأمامَكم شهرٌ كريمٌ، مَيدانٌ للمُسابقات والمُنافسات،
مَن تقرَّبَ فيه بنافِلة كان كمَن أدَّى فريضةً فيمَا سِواه،
ومَن فطَّر فيه صائِمًا كان له مثلُ أجره ولو فطَّرَه على تَمرةٍ أو مَذقةِ لَبَنٍ.
فيه ليلةٌ خيرٌ مِن ألف شَهر، مَن قامَها إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه،
ومَن صامَ شهرَ رمضان وقامَه إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه.
وكان نبيُّكُم محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - أجوَدَ النَّاس،
وكان أجوَدَ ما يكونُ في رمضان، والجُودُ ليس مقصُورًا على بَذل المال،
بل جُودٌ في كل أعمالِ الخير والبِرِّ والطاعاتِ والقُرُبات.
والخَيراتُ لا تُحصَرُ أنواعُها، ولا تُحدُّ أبوابُها؛ مِن صلواتٍ، وزكَواتٍ، وصدَقاتٍ،
وصِيامٍ، وقراءةِ قُرآن، واعتِكافٍ،
وتفقُّد ذَوِي الحاجاتِ والأرامِل والمساكِين وذوِي القُربَى ممَّن لا يسأَلُون النَّاسَ إلحافًا.
ولا تنسَوا زِيارةَ المريض، والإحسانَ إلى الجار، وطلَبَ العلمِ، والدعوةَ إلى الله،
وإغاثَةَ الملهُوف، وإنصافَ المظلُوم، وكفَّ الظالِم، ورِعايةَ الأولاد والأُسَر،
وإعمارَ المساجِد، والقِيامَ بالمسؤوليات، وأداءَ الواجِبات، وكلَّ قولٍ حسنٍ وفِعلٍ حسنٍ.
ثم تأمَّلُوا - حفِظَكُم الله - صِفاتِ المُسارِعين والسَّابِقين، يقولُ - عزَّ شأنُه -:
{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ
وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ }
[ المؤمنون: 57- 61 ]
ويقولُ - عزَّ شأنُه -:
{ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ
وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ
وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }
[ آل عمران: 113- 115 ].
وقد سألَت عائشةُ - رضي الله عنها - رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم
عن هؤلاء الذين يُؤتُون ما آتَوا وقلوبُهم وَجِلَة،
"هل هُمُ الذين يسرِقُون ويَزنُون ويشرَبُون الخَمرَ، وهم يخافُون الله؟!"،
فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يا ابنَةَ الصِّدِّيق، ولكنَّه الذي يُصلِّي ويصُومُ ويتصدَّقُ، وهو ويخافُ اللهَ )
لماذا - يا عباد الله -، لماذا كان هذا الجوابُ؟!
لأن في النُّفوسِ مَن هي عامِلةٌ ناصِبة، تَصلَى نارًا حامِية،
وفِيهم مَن عملُه كسَرابٍ بقِيعةٍ، أو كرَامدٍ اشتَدَّت به الرِّيحُ في يَومٍ عاصِفٍ.
نعُوذُ بالله من الخُذلان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق