كيف يلتقي الفشل والنجاح؟!
قد يتعجب البعض من هذا الكلام، إذ كيف يكون الفشل طريقًا إلى النجاح؟!
كيف يلتقي هذان الضدان بحيث يكون أحدهما طريقًا للآخر، بل وضرورة لازمة له؟!
ذلك لأن النجاح الباهر الدائم يتطلب توافر سمات خاصة،
وخبرات متنوعة،لا يمكن أن تتكون في الإنسان إلا عبر معاناة الواقع،
والاحتكاك الطويل به، وخوض الصراع مع المشكلات والعقبات،
ومن ثَم يكتسب الإنسان الصفات النفسية اللازمة للنجاح الدائم،
والتي من أهمها الصبر والإرادة والعزم والتصميم.
وأما أصحاب النجاح السهل الذي لم يأتِ عبر التعب والمعاناة،
فإنهم سرعان ما يصابون بالإخفاق والإحباط عند أول عقبة تهدد ما حققوه من نجاح،
ومن ثَم يتحول نجاحهم إلى فشل أو إخفاق ذريع، وقديمًا قال العرب:
(الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك).
ويشرح لنا الإمام ابن الجوزي رحمه الله تلك الحقيقة الثابتة في حوار طريف
مُتَخيَّل بين الماء والزيت،
ذلك أنهما كلما اختلطا في إناء ارتفع الزيت على سطح الماء،
فقال الماء للزيت منكرًا:
(أنا ربيت شجرتك فأين الأدب؟! لمَ ترتفع عليَّ؟
فيقول الزيت: أنت في رضراض الأنهار تجري على طريق السلامة،
وأنا صبرت على العصر وطحن الرحا؛ وبالصبر يرتفع القدر)
[المدهش، ابن الجوزي، (1/176)].
فليس هناك نجاح يرتفع به الإنسان في الدنيا والآخرة،
إلا إذا سبقه صبر على أَلَمِ عصر المحن وطحن الشدائد والإخفاقات،
وأما من يريدون السلامة، فإنهم يعيشون بالأسفل مع ذاك الماء:
لا تحسبن المجد تمرًا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
http://www.virtapay.com/r/mohamednageeb
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق