قال العلّامةُ ابنُ القيِّم في «مدارج السّالكين«
(4/1104):
« ومِن صفات هؤلاء الغرباء -الذين غَبطَهُم النبيُّ ﷺ- :
التمسُّكُ بالسُّنَّة، إذا رغب عنها الناس، وتَرْك ما
أَحْدَثُوه،
وإنْ كان هو المعروف عندهم، وتجريد التوحيد وإنْ
أنكرَ ذلك أكثر الناس،
وتَرْك الانتساب إلى أحدٍ غير الله ورسوله، لا شيخ،
ولا طريقة،
ولا مذهب، ولا طائفة، بل هؤلاء الغرباء مُنتسِبون إلى
الله بالعبوديَّة له وحده،
وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحدَه، وهؤلاء
القابضون على الجمر حقًّا،
وأكثر الناس - بل كلهم- لائمٌ لهم، فلغربتهم بين هذا
الخلق،
يعدونهم أهل شذوذ وبدعة، ومفارقة للسواد
الأعظم.
بل الإسلام الحق - الذي كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه- هو اليوم
بل الإسلام الحق - الذي كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه- هو اليوم
أشدّ غُربة منه في أول ظهوره، وإنْ كانت أعلامُه
ورسومُه الظاهرة
مشهورة معروفة.
فالإسلام الحقيقي غريب جدًّا، وأهلُه غرباء أشدّ الغربة بين الناس،
فالإسلام الحقيقي غريب جدًّا، وأهلُه غرباء أشدّ الغربة بين الناس،
وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدًّا، غريبة بين
اثنتين وسبعين فرقة
ذات أتباع ورئاسات، ومناصب وولايات، ولا يقومُ لها
سوق إلا بمُخالَفة
ما جاء به الرسول، فإنّ نفس ما جاء به: يُضادّ
أهواءَهم ولذّاتِهم،
وما هم عليه مِن الشُّبُهَات والبِدَع التي هي
مُنْتَهى فضيلتهم وعلمهم،
والشهوات التي هي غايات مقاصدهم
وإرادتهم!
فكيف لا يكونُ المؤمنُ السائر إلى الله على طريق المتابعة غريباً
فكيف لا يكونُ المؤمنُ السائر إلى الله على طريق المتابعة غريباً
بين هؤلاء الَّذينَ قَد اتَّبَعُوا أهواءَهُم،
وأطاعوا شُحَّهم،
وأُعجِبَ كلٌّ منهم برأيه
ولهذا؛ جُعِلَ للمسلم الصادق في هذا الوقت
ولهذا؛ جُعِلَ للمسلم الصادق في هذا الوقت
-
إذا تمسَّك بدينِه- أجر خمسين مِن
الصحابة
ففي «سُنَن أبي داود»
و«الترمذي»
-
مِن حديث أبي ثعلبة الخُشَني-
قال:
سألتُ رسولَ الله ﷺ عن هذه
الآية:
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ
أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا
اهْتَدَيْتُمْ{
[المائدة:105]
فقال:
( بل ائتمِرُوا
بالمعروف، وتناهوا عن المُنكَر، حتّى إذا رأيتَ شُحًّا
مُطاعاً
وهوىً مُتَّبَعاً، ودُنيا مُؤثَرة، وإعجاب كلّ ذي
رأيٍ برأيه؛
فعليك بخاصَّة نفسِك، ودَع عنك فإنّ مِن ورائِكُم
أيام الصبر،
الصبر فيهنَّ مثل قبضٍ على
الجمر،
للعاملِ فيهنَّ أجر خمسينَ رَجُلاً يَعملونَ مثلَ
عملِه )
قلتُ:
يا رسولَ الله! أجر خمسين
منهم؟
قال:
( أجر خمسين منكم )
وهذا الأجر العظيم إنما هو لغُربتِه بَيْن
الناس،
والتمسُّك بالسُّنَّة بَيْن ظلمات أهوائِهم
وآرائهم».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق