عن أنس رضي الله عنه، قال:
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس،
وأجود الناس،
وأشجع الناس، قال: وقد فزع أهل المدينة ليلة سمعوا
صوتًا،
قال: فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم
على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ وهو متقلِّد سيفه، فقال: لم
تراعوا
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجدته بحرًا ،
يعني الفرس )
قال القرطبي:
[ في هذا الحديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه
وسلم
كان قد جمع له من جودة ركوب الخيل، والشَّجَاعَة،
والشهامة،
والانتهاض الغائي في الحروب، والفروسية وأهوالها،
ما لم يكن عند أحد من الناس، ولذلك قال أصحابه عنه:
إنه كان أشجع الناس، وأجرأ الناس في حال الباس،
ولذلك قالوا: إن الشجاع منهم كان الذي يلوذ بجنابه
إذا التحمت الحروب،
وناهيك به؛ فإنه ما ولَّى قطُّ منهزمًا، ولا تحدث أحد
عنه قط بفرار ]
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
( إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس
إدبارًا،
قال: اللهم سبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة حصت كل شيء،
حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف وينظر أحدهم إلى
السماء،
فيرى
الدخان من الجوع،
فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة
الله، وبصلة الرحم،
وإنَّ قومك قد هلكوا، فادع الله لهم
)
قال ابن حجر:
[ قوله: فقيل: يا رسول الله استسق الله لمضر؛ فإنها
قد هلكت.
إنَّما قال لمضر؛ لأن غالبهم كان بالقرب من مياه
الحجاز،
وكان الدعاء بالقحط على قريش وهم سكان مكة فسرى القحط
إلى من حولهم،
فحسن أن يطلب الدعاء لهم، ولعل السائل عدل عن التعبير
بقريش؛
لئلا يذكرهم فيذكِّر بجرمهم، فقال: لمضر؛ ليندرجوا
فيهم،
ويشير أيضًا إلى أنَّ غير المدعو عليهم قد هلكوا
بجريرتهم،
وقد وقع في الرواية الأخيرة: وإن قومك هلكوا. ولا
منافاة بينهما؛
لأنَّ مُضر أيضًا قومه وقد تقدم في المناقب أنه صلى
الله عليه وسلم
كان من مضر،
قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمضر: إنك
لجريء،
أي:
أتأمرني أن أستسقي لمضر مع ما هم عليه من المعصية والإشراك
به؟
فالنبي صلى الله عليه وسلم رغم عداوة قريش وإيذائها
للمؤمنين،
لما
جاءه أبو سفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحسن خلقه،
وشهامته، ورغبته في هدايتهم، فإنَّ الشهامة ومكارم
الأخلاق مع الأعداء،
لها أثر كبير في ذهاب العداوة، أو تخفيفها
]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق