الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
ورد هذا الاسم الجليل في كتاب الله إحدى عشرة مرة
فتدبره في قوله تعالى:
{
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
}
وفي
السنة جاء ذكر اسم ربنا الحليم في دعاء
الكرب
من
حديث ابن عباس،
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند
الكرب:
( لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ،
لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ
وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )
البخاري ومسلم
ولوروده في دعاء الكرب سبب لطيف سيتبين لك عند التأمل
في بيان معناه
ومعنى اسم الله الحليم:
أي الذي لا يعجل على العاصين بالعقوبة والانتقام ..
ولا يحبس
عن المذنبين الفضل والإنعام ، مع ارتكابهم لما يوجب
المقت والانتقام,
فيحلم عليهم ، ويستعتبهم ليتوبوا , ويمهلهم لينيبوا ,
ولا يمنع عنهم
بعصيانهم نعمه الظاهرة والباطنة, بل يرزق العاصي كما
يرزق المطيع،
وإن كان بينهما تفاضل على مقتضى الحكمة، وهو ذو الصفح
مع القدرة على العقاب ..
قال ابن القيم - رحمه الله -:
وهو الحَلِيمُ فلا يُعَاجِلُ عَبدَهُ
بِعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ مِن عِصيَانِ
من
ثمرات معرفة هذا الاسم والإيمان به:
إذا تأمل العبد حِلْم الله به وبخلقه, فإن ذلك يزيد
من محبته لله في قلبه
, فإن من شاهد التقصير والعصيان في نفسه، ثم عاين
إمهال الله له
مع
ستره وإمداده بالنعم.. أحب ربه الحليم لا محالة.
علينا أن ندرك أنه لولا حِلْم الله بنا مع ارتكابنا
لما يوجب غضبه
ومقته لأنزل علينا من العذاب ما يمحو أثرنا من الوجود
قال جل جلاله:
{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا
مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ
}
وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه
أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال:
(
لَيْسَ أَحَدٌ، أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى
سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ،
إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ
لَهُ وَلَدًا، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ
)
البخاري ومسلم
فما أحلمك ربنا يعصيك عبدك, ويتعالى على شريعتك,
ويستكبر
عن طاعتك, ويسخر من أحكام وحيك, وأنت الذي خلقته
ورزقته
وهو الضعيف العاجز, وأنت القوي القادر, وهو الفقير
إليك وأنت الغني
عنه, ثم تعافيه وتدر عليه أصناف نعمك وتدفع عنه شرور
المكاره،
وتدعوه إلى جنتك وتقبل توبته إذا تاب إليك وتبدله
سيئاته حسنات،
وتتلطف به في جميع أحواله..
فسبحانك ربنا ما أحلمك!!!
لا يليق بالعبد الاغترار بحِلْم الله عليه فيزيد من
العصيان ويصر على
الآثام, بل يجب أن يدفعه حِلْم الله عليه للحياء من
ربه، والمبادرة للتوبة
إليه، وعدم الإصرار على الذنب , فما كان حلم الله
عليك إلا لتؤوب إليه .
من عرف أن ربه حليم على من عصاه، فإن هذا يدفعه لأن
يكون هو حليما
أيضا، فكما تحب أن يحلم عنك ربك، فاحلُم أنت عمَّن
أساء إليك .
اللهم يا حليم يا غفور اغفر ذنوبنا واستر
عيوبنا
وتجاوز
عنا برحمتك يا أرحم الراحمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق